لم تكن الإعاقة يوما حاجزا أمام النجاح…قصة طالب كفيف تحدي الإعاقة و نجاح في شهادة التعليم المتوسط بسيدي بلعباس.
عبد الوهاب قندوزي،صاحب 15 ربيعا، شاب في مقتبل العمر،رفع التحدي، و صمد امام العوائق، اجتاز امتحان شهادة المتوسط دورة 2020 بمؤسسة زدور إبراهيم بسيدي بلعباس.يلقبه زملاؤه بالكاتب الكبير “طه حسين“، لتعلقه بالأدب و النثر و الشعر، تحصل على معدل 16.56 بتقدير جيد جدا، فكانت لنا زيارة في بيته، و مسقط رأسه بحي “ستي ميمون” بولاية سيدي بلعباس ،استقبلنا هو ووالدته بحفاوة و فرحة لا توصف. عبد الوهاب، شاب كفيف يعطي دليلا على إرادة الإنسانارادته التى جعله أقوى من جميع العوائق التي تعترضه، أيا كان نوعها، سواء كانت مادية أو معنوية أو جسدية هذه القصة لطالب كفيف، قاوم اعاقته فحقق النجاح بل التفوق في مشواره الدراسي بدون دروس خصوصية، أو دعم، نظرا لحالته المادية الصعبة، الا انه وضع العلم نصب عينه، ليحقق حلمه بأن يصبح كاتبا مشهورافمن أكبر الأخطاء ان ننعتهم بالمعاقين ؛ لأنّه لا إعاقة إلا إعاقة العقول والقلوب.
حيث خاطبنا عبد الوهاب بعبارات ظلت راسخة في ذاكرتنا قائلا: ” إن معاق هو من لا يشعر بحاجة الآخر إليه، ومعاق هو من لا يحترم الاختلاف ولا يحترم الآخر المختلف“. فمجرد التركيز في هاته العبارات ندرك انه راضٍ بقدره و انه عازم على مواصلة حلمه، يعيش هو والدته فقط، فقد والده و هو سن 9 سنوات، فكانت له والدته الأم و الأب في الوقت نفسه. و كان هو لها الابن البار. فترويض النفس و توعية العقل على احترام الآخرين مهما كانت سماتهم أو صفاتهم يتطلب التشبع بثقافةٍ و دينٍ و عدم الانتقاص من قيمة أي إنسان مختلف قدرا من الله تعالى أن يولد إنسان وهو أعمى أو أصم او يعانى من اى نقص عضوى او عقلي أو غيرها من الحالات التي تجعل هذه الفئة موضع شفقة واحتقار أو عدم ثقة في قدراتهم ..عبد الوهاب هو إنسان نحيل الجسم بشوش الوجه خفيف الظل، يتحدث إلى الجميع. ويعرف كل واحد من حوله بالاسم من خلال الصوت فقط، مازاده نوراً و رونقاً هو حفظه للقرآن الكريم كاملاً، ويحفظ أكثر دواوين الشعر العربي ومتون الحديث و كتب النحو والبالغة.
حيث كان الطلبة يخافون الدخول معه في جدال حول قضية لغوية لأنه يتغلب عليهم بسهولة .عبد الوهاب لم ير النور يوما لأنه ولد بصيرا، والبصير اسم آخر للكفيف، قد يبدو الاسم متناقضا لكنه بالغ الدلالة على أنّ الكفيف فقد البصرلكنه قوي البصيرة لأنه يدرك ما لا يدركه كثير من المبصرين.
من محطاته الثقافية :
كان لا يترك مناسبة الا وشارك فيها كالمناسبات القومية
واسابيع الثقافية الفلسطينية بقصائد تضامنية . ومناسبات أصدقائه، شارك ايضا في برنامج ثقافي إذاعي عبر أمواج محطة إذاعية بسيدي بلعباس و كانت هديته بسيطه ، جهاز راديو أحضره معه إلى المتوسطة معبرا عن فرحه :وكأنه يقول فى نفسه
انظروا بما فزت، فهل يستطيعها المبصرون ؟
كان يحصل على أول نقطة في المواد اللغوية لأنها كانت تعتمد الحفظ .
عبد الوهاب كان محبوبا ومحترما من قبل المدرسين. وكان في كل سنة يتقدم نحو النجاح والتميز، وكان من ضمن الخمسة الأوائل.
السيدة” فاطمة. خ” والدة عبد الوهاب ذرفت دموعا كتيرة و لكنها دموع فرح و افتخر بأنها البار، حيث وجهة رسالة إلى كلّ ام وأخت لديهم قريب من ذوي الاحتياجات الخاصة أن تحمد الله على ما وهبها لأنّ له في ذلك حكمة، أن تبذل ما بوسعها من جهد لتدعمه وتكتشف مواهبه لتساعده على تنميتها، أن تحميه من السخرية ومن نظرات الشفقة السلبية ولا تجعله يسمع كلمة
“مسكين “… او “قطعلي قلبي” وغيرها من هذه العبارات القاتلة للعزيمة، أن تساعده على الدراسة وتسانده حتى النهاية ، وتبحث له عن مصادر لتقوية قدراته .
ورسالتها إلى المجتمع هؤلاء جزء لا يستهان به من أبنائكم لهم حقوق كباقي المواطنين، و لهم حقوق إضافية في الرعاية الصحية والتشجيع وذلك بتسهيل أمور تنقلهم، وتوفيرالأدوات والوسائل التعليمية المناسبة لهم، وتشجيعهم على تطوير كفاءاتهم ليستفيدوا ويستفيد المجتمع منهم، واعتماد برامج توعوية على مستوى المؤسسات التعليمية والإعلامية
للتعريف بهذه الحالات والدعوة إلى احترام هؤلاء الأفراد.
علينا استيعابهم لأنّ مجتمعا لا يرعى جميع أبنائه مجتمع يحكم على نفسه بالفشل .
لأنهم مواطنون لهم حقوق وطموح وكرامة.
بورتريه :لطيفة عبادة