سيلا 2024: أكاديميون يبرزون تجليات القيم الإنسانية والروحية لدى الأمير عبد القادر
أبرز عدد من الأساتذة المختصين في مجال التاريخ والتصوف, يوم الثلاثاء بالجزائر العاصمة, في ندوة في إطار صالون الجزائر الدولي ال27 للكتاب, القيم الإنسانية و الروحية لدى شخصية الأمير عبد القادر, خلال مرحلة مقاومته للاحتلال الفرنسي وأيضا في المنفى.
وتطرق المشاركون في ندوة بعنوان “التصوف والقيم الإنسانية عند الأمير عبد القادر”, بحضور ممثلي العديد من الزوايا, إلى أهم تجليات البعد الإنساني الذي تميز به مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة, على امتداد سنوات مقاومته للاحتلال الفرنسي, مبرزين حرصه على الأبعاد الإنسانية وروح التسامح التي ميزته.
وفي هذا الإطار, أشار الباحث بومدين بوزيد إلى ضرورة “قراءة جذور ومرجعيات القيم الإنسانية التي كان يتميز بها الأمير عبد القادر وأبعادها السامية”, موضحا أنه “لا ينبغي أن نختزل الجانب الإنساني في مواقف وسيرة الأمير في موقفه السامي من الأحداث الطائفية الدامية التي وقعت في الشام عام 1860 والتي أخمد نيران فتنتها ببراعة, بل تتجلى أيضا في تعامله مع والدته وزوجته ومع أسرى الحرب”.
وتحدث في ذات السياق أيضا عن “تعامل الأمير عبد القادر بكل احترام ورأفة حتى مع الحيوانات, على غرار الخيول التي كان يعاملها معاملة خاصة راقية”, مشيرا إلى أهمية قراءة كتاب “المواقف” للأمير الذي يعتبر ذخيرة حية للولوج إلى تجربته متعددة الأوجه والتي تعكس ارتباطه بالمعلم الأكبر ابن عربي, وكذا رسائله مع الجنرالات الفرنسيين لفهم الأصول المعرفية والصوفية للأمير وقيمه الإنسانية التي ينبغي أن تدرس ..”.
وذكر من جهته, الأستاذ بمركز البحث في الأنتربولوجيا الاجتماعية والثقافية (كراسك), بلغراس عبد الوهاب, أن الأمير عبدالقادر “قدم لنا باعتباره رجل تصوف متدرج في المقامات وفيلسوف تاريخ ما يمكن تسميته بشبكة مفاهيمية بواسطتها يتم قراءة وفهم الإنسان والأحداث (..) فهو إذ يؤسس للقيم الإنسانية يؤسس لها معرفيا وأخلاقيا”.
وأضاف أن شخصية الامير وما تمثله من قيم “تجسدت في شجاعته ودفاعه عن المظلومين والمستضعفين وتجسيد حقوق المسجونين والأسرى وهو في قلب الحرب والمعركة, ثم دعوته للحوار بين الأديان والثقافات”, كما يمثل مساره “في شتى مراحله, همزة وصل بين الشرق والغرب, وبين روحانية الإسلام وحداثة الغرب”.
وخلص المحاضر بالقول أن “كل هذه المواقف تشكل أساسا معرفيا ونبراسا عمليا اليوم من أجل التعاون والتعايش السلمي بين جميع الشعوب وتجاوز أزمة الصراعات الدينية والمذهبية وحتى الاثنية”.
ومن جانبه, لفت الباحث حمو فرعون من جامعة مستغانم في مداخلته أن الأمير عبد القادر “من الشخصيات البارزة في المجال الإنساني والمجال الصوفي, والتي كان لها صدى كبيرا لدى العدو والصديق, في الحرب والسلم, وعلى المستوى العالمي”.
واعتبر ذات المتحدث أن الأمير “من كبار علماء الصوفية والإنسانية, وقد نظر لقيم المحبة فكريا وشرعيا وأصل لها, كما تدرج في مقامات المحبة الصوفية وعبر عنها في كتاباته”, مضيفا أنه كان أيضا “من أوائل الشخصيات في العالم المعاصر التي طرحت قيم المحبة والمساواة بين الناس, كما كان من مؤسسي الحق الدولي للإنسان ..”.
كما أشار إلى أن حياة الأمير عبد القادر (1807 – 1883) “كانت حافلة بالعمل السياسي والجهادي المقاوِم للاستعمار الفرنسي بالجزائر”, إضافة الى تجربته الصوفية التي تمثلت خلاصتها في كتابه “المواقف”, مؤكدا على “أهمية المكون الثقافي والروحي في فهم فكر الأمير ومواقفه”.