رغم إنفاق مئات المليارات ضدّ الفيضانات… وهران تعود للسقوط في الأوحال
” مناطق العمق الجزائري تغرق… تحت أمطار نهاية الربيع ”
شهدت عديد الولايات بالغرب الجزائري وعلى رأسها ولايات وهران ومستغانم وغليزان غربي الجزائر، ليلة الأحد، هطول أمطار طوفانية وتضرر عدد من المنازل والمرافق العامة بعدما غمرتها مياه الأمطار، وهي مشاهد شهدتها –عدة ولايات التي كانت على موعد مع اضطرابات إثر انجراف التربة وغرق عدد من المنازل؛ ما جعل عبد اللطيف المقيم بحي تيجديت الشعبي بمستغانم يصرح ”الغرب الجزائري يغرق… لطفك يا رب“.
وسجلت الأحد بوهران إنهيار آخر للمباني الهشة، حيث إنهارت واجهة أمامية وسقف لبناية ملكية خاصة غير مسكونة متكونة من طابق أرضي بحي سانطاطوان، مع العلم أنه لم يتم تسجيل أية خسائر بشرية.
ودعا والي الولاية عبد القادر جلاوي على إثرها مالكي البنايات الخاصة والهشة القيام بالترميمات اللازمة، قصد تفادي مثل هكذا حوادث والتي قد تؤدي إلى خسائر في الأرواح والممتلكات.
وكانت مصالح الحماية المدنية قد قامت بعملية جرد عدة نقاط معرضة بشكل متواصل لمخاطر الفيضانات بعدة مناطق الخريف الفارط على غرار ساحة الجمهورية بوسط بلدية سيدي الشحمي والطريق الولائي الرابط ما بين البرية ووادي تليلات وبعض المناطق من دائرة السانية والطريق الوطني رقم 11 الرابط ما بين ولايتي وهران ومستغانم في شطره الذي يعبر بلدية بئر الجير.
و قد أحصت خلال الموسم الشتوي الفارط (2018- 2019)، 160 تدخلا في مجال الفيضانات تم في بعض الحالات منها إنقاذ العديد من الأشخاص الذين جرفتهم السيول.
وعلى الرغم من بناء مئات الأحياء وعشرات الآلاف من السكنات، عائلات بأكملها تعيش في خوف من التقلبات الجوية ببئر الجير ، مرسى الكبير وأيضًا في وهران (سيدي البشير، الحمري، الدرب، قامبيطا، سيدي الهواري…) والبلديات المجاورة مثل السانية وعين البيضاء وسيدي الشحمي، حيث تؤدي كل عاصفة جوية إلى رعب وسط العائلات في منازلهم.
أمام تفاقم الوضع في هذه الأحياء، نظمت كثير من المظاهرات الاحتجاجية لمواطنين يطالبون بسكن لائق يعيشون فيها دون خوف من أي عاصفة رعدية. من جهة أخرى، كشفت الأمطار التي تهاطلت ليلة السبت إلى الأحد عن ثغرات خطيرة في بناء الطرق الجديدة ونظام صرف مياه الأمطار. إذا كان من المتعارف عليه أن الأنابيب في الأحياء القديمة تتعرض للانسداد بسرعة، وتتكون فيها برك ضخمة بنفس السرعة، يبدو أن الطرق والمجازات السفلية والطرق الدائرية المنجزة حديثًا تكتنفها عيوب تؤدي تقريبا إلى نفس النتيجة.
في ليلة أمس الأول، تحول زقاق قديم يقع بالقرب من مقر بلدية وهران إلى حمام سباحة، فيما كان المجاز السفلي الجديد المحاذي للمركب الأولمبي مغمورا بالمياه، لدرجة أنه تم وقف حركة المرور هناك في الساعات الأولى من يوم. نفس الوضع تشهده عدة مناطق من عاصمة الغرب التي لم تتوصل بعد، على الرغم من المبالغ المالية الطائلة التي أنفقت على برامج التنمية الحضرية، من التخلص من طاماتها، طالما أن الولاية تعود دائما للسقوط في نفس الأوحال.
وفي حين تعوّدنا على سقوط أمطار طوفانية في ربيع كل عام، يتوجس متابعون من استنساخ سيناريو باب الوادي الأسوأ ذات نوفمبر 2001 و كارثة ولاية باتنة قبل سنتين.وكانت المنطقة الشرقية على موعد مع كارثة حقيقية في منتصف أبريل 2018.
وألقى الخبير يونس خطابي بالمسؤولية على الحكومات المتعاقبة في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وقال ”جرى إنفاق مئات المليارات على تحصين مناطق العمق الجزائري ضدّ الفيضانات، دون أن يتغير شيء، وهو ما يفرض تحقيقا قضائيا جديدا مع رئيسي الوزراء المسجونين عبدالمالك سلال وأحمد أويحيى“.
من جانبه، أكد الخبير عبد الحميد بوداود وجود ”تلاعب“، مستدلا بصرف أموال ضخمة لإعادة تهيئة وديان وتأهيل مبان، لكن الأشغال التي انطلقت عام 2014، لم تنته رغم انقضاء ست سنوات، ورغم استبدال الدراسة الأولى ”الناقصة“ بدراسة ثانية ”كاملة“.
كريم/ل