
- كتاب ( شهيد لم يمت ) هو اعادة توثيق للسردية
- “شهيد لم يمت”: كراماتُ البطل التي هزّت السردية الكلاسيكية للثورة
- من الإعلام إلى التأريخ… مرين هواري يُعيد بعث مجاهد من رماد الذاكرة
- رحلة مجاهد من جنين بورزق إلى كوريا الشمالية… سردية لم تُحكَ بعد
- مشروعنا القادم هو إعادة الروح الثقافية للمدينة
- المجاهد بن طالب بوسماحة علّمني أن الشهادة ليست نهاية
جريدة الديوان : الاستاذ مرين هواري جمع بين الإعلام والكتابة التاريخية والتعليم هل يمكن ان تقدم للقارئ صورة موجزة عن مسيرتك المهنية والإبداعية ؟
الأستاذ مرين هواري : التحقت بقطاع التعليم مبكرا سنة 1993 كاستاذ للغة العربية ثم التحقت كمستشار للتغذية المدرسية واخيرا مديرا لمؤسسة تربوية بولاية النعامة، كان لي شغفا كبيرا بالإعلام المحلي فالتحقت أيضا في سن مبكرة بالكتابة الإعلامية وتغطية مختلف الأخبار المحلية لولاية النعامة بجريدة صوت الغرب لعدة سنوات وجرائد وطنية أخرى كالجمهورية والتحرير والساورة 24 نجحت فيهم جميعا بتغطية كل الأخبار المتعلقة بانشغالات المواطنين والتنمية المحلية إضافة إلى التعريف بالأنشطة الثقافية والمثقفين بولايتي مما اكسبني ثقافة واسعة ومهارة في الكتابة والإبداع وصناعة الخبر ثم قررت في لحظة مهمة من مسيرتي الانعراج نحو مسار الكتابة والتأليف حتى اترك بصمة ثقافية وإبداعية أشارك بها في دعم المكتبة الوطنية واثرائها وأول كتاب فكرت فيه كان كتاب ( شهيد لم يمت من جنين بورزق الى كوريا الشمالية رحلة مجاهد) وهو كتاب من الحجم المتوسط عن دار خيال لصاحبها الأديب رفيق طيبي يحكي عن إعادة توثيق السردية التاريخية لقصة عظيمة عاشها المجاهد بن طالب بوسماحة من مواليد 1909 خلال التحاقه بالثورة سنة 1956 كمسبل ثم رئيس للمنظمة المدنية لجبهة التحرير سنة 1958 خلفا للشهيد مرين سليمان ولد جلول قبل اعتقاله وتعذيبه بعدة معتقلات وتنفيذ حكم الإعدام في حقه رميا بالرصاص سنة 1985 بمنطقة بوجنيب بمكاليس شمال مدينة عين الصفراء وعودة الحياة اليه بعد ساعات من تنفيذ الإعدام وإعادة التحاقه بالثورة بجبل شماريخ ثم إعادة اعتقاله وأسره بمعركة جبل مغرار سنة 1960 ليخلد في معتقل بوردو إلى غاية الاستقلال حيث استقبله الرئيس الراحل هواري بومدين وكرمة برحلة إلى كوريا الشمالية برفقة الوزير الطيار ايت مسعودان وكان له حوار تاريخي مع الرئيس الكوري الشمالي حول الثورة والاستعمار والحرية جعلته يصف المجاهد بن طلب بوسماحة بالرجل الحكيم والثوري الشجاع
جريدة الديوان : ماهي المصادر التي اعتمدت عليها في كتابة هذه السردية التاريخية ؟
الاستاذ مرين هواري : توثيق السرديات التاريخية والحفاظ على الذاكرة التاريخية يتطلب فعلا المصادر الموثوقة المادية واللامادية من اجل المصداقية والحقيقة وقد اعتمدت في هذا الكتاب التاريخي على مجموعة من المصادر من أهمها عائلة شهيد لم يمت خاصة أولاده الكبار الذين روى لهم والدهم قصته شفاهيا عدة مرات في جلسات ومحطات مختلفة وثانيا الشريط الوثائقي الموسوم بشهيد لم يمت للتلفزة الوطنية للصحفي القدير نور الدين عدناني والذي أنجزه سنة 1974 وبث عدة مرات بالقنوات الوطنية وثالثا ماكتبه الأستاذ الدكتور مرين إبراهيم حول حياة هذا البطل باعتباره من المهتمين بالتاريخ المحلي ولطبيعة تخصصه كأستاذ تاريخ بالمركز الجامعي بالنعامة إضافة الى كتيب صغير حول هذه الملحمة للشاعر بوحميدة محمد وكتاب أخر للمجاهد لوبار عبد الرحمن موسوم بمذكرات مجاهد من جبال القصور اشرف عليه الكاتب الأستاذ روشام عيسى وأخر المصادر التي تميز بها كتابي عن غيره من جميع المصادر هو لقائي الشخصي مع الشاهد الذي أنقذ شهيد لم يمت من الموت المحقق من خلال علاجه علاجا تقليديا وإغاثته بالأكل والشرب ثم إيصاله إلى جبل شماريخ بعين ورقة حيث كانت قاعدة خلفية للمجاهدين وهو السيد عبيد الله جيلالي والذي أعاد رواية الجزء الغير محكي بهذه الرواية عن تفاصيل دقيقة حول محطة من محطات الشهيد لم يمت بن طالب بوسماحة.
جريدة الديوان : الطبعة الأولى من الكتاب لاقت رواجا كبيرا ونفذت بسرعة وكانت حدثا ثقافيا كبيرا بولاية النعامة الى ماذا يعود ذلك حسب تجربتك ؟
الاستاذ مرين هواري : فعلا شهدت الطبعة الأولى نفاذا كبيرا لها عبر مختلف بلديات الولاية وحتى خارجها واحتفت بها المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية من خلال تنظيم ندوة حول الكتاب حضره الكثير من المثقفين والمهتمين بتاريخ المنطقة وقامت عدة مؤسسات تربوية بشرائه لمكتباتها وربما يعود سبب سرعة اقتناء هذا الكتاب ونفاذ كل كميات الطبعة الأولى هو السردية في حد ذاتها لكونها سردية واقعية غلب عليها الطابع الغرائبي من خلال تلك الكرامات التي رافقت شهيد لم يمت مثل عودة الحياة إليه بعد إعدامه وشهادة الطبيب الفرنسي بوفاته ثم رحلته زحفا على بطنه للوصول الى جبل عيسى وبقائه أكثر من أسبوع دون أكل وشرب إلا من خشاش الأرض والتحاقه بالثورة مجددا ومقاومته لكل أنواع التعذيب بالمعتقلات التي زج اليها معتقل درمل ومعتقل عين الصفراء ومعتقل بوردو ثم زاد القصة جمالا بعد الاستقلال استقبال الرئيس هواري بومدين له استقبال الملوك والأمراء بتعبير محي الدين عميمور واستقبال الرئيس الكوري الشمالي كيم ال سون غاب الثورة الكورية له وما دار بينهما من حوار كبير مما جعل الرئيس الكوري يصفه بالرجل الحكيم والثوري الشجاع وأيضا إلى أسلوب الكتاب الذي كان سلسا وبسيطا يجعلك تشعر عند قرائته كأنك ترافق الشهيد في مسيرته او بتعبير الراحل بوداود عمير الكاتب والناقد والمترجم الذي قال عنه عند قراءة هذا الكتاب تشعر انك تشاهد فيلما تاريخيا متقن الإخراج والتمثيل ولا انس ان الكتاب رافقه تسويق إعلامي كبير من مختلف القنوات المحلية والجرائد وكبريات الصفحات الإخبارية المحلية إضافة الى تغطية إذاعة النعامة بثلاث حصص اثيرية حوله لاقت متابعة كبيرة جدا وتفاعلا قل نظيره
جريدة الديوان : مالذي أثارك في شخصية شهيد لم يمت وأنت تنهي كتابك عنه ؟
الأستاذ مرين هواري : الذي أثارني هو انه جمع بين جميع صفات المجاهدين فقد كان مسبلا ثم معتقلا وأسيرا ثم حكم عليه بالإعدام ثم تم تنفيذ الإعدام فيه أي أصبح شهيدا ثم مجاهد يحمل السلاح وأخر معركة له كانت بجبل مغرار ليختتم حياته الكفاحية بالاعتقال والتعذيب بمعتقل بوردو الى غاية الاستقلال إضافة الى صبره وإيمانه بالاستقلال والحرية ودوره في بناء العلاقات بسرعة مع جميع من رافقهم لكونه صاحب نكتة بوصف المجاهد لوبار له في كتابه والجميل في سرديته هو تلك الكرامات التي رافقته اولها كرامة التحاقه بالثورة بمجرد تمددها الى الجنوب الغربي وثانيها صبره وقوته في مواجهة كل أنواع التعذيب التي سلطت عليه وثالثها عودة الحياة اليه بعد تنفيذ حكم الإعدام فيه ورابعها تعرضه لعطش شديد في مكان لا ماء فيه وفي لحظة وجد حفرة صغيرة فيها ماء فشرب منه حتى ارتوى ولما ارتوى غار الماء واختفى وسادسها كثرة تسبيحه الذي كان تعويضا على أكثر من أسبوع دون اكل او شرب وختامها تحقق كل أمانيه التي تمناها والتي كان من بينها تحقيق الاستقلال ورؤية الرئيس هواري بومدين والحج الى البيت الحرام وللعلم توفي سنة 1990 ودفن بمقبرة الشهداء بجنين بورزق بولاية النعامة جريدة الديوان : هل لديك مؤلفات اخرى او مشاريع ثقافية انت بصدد الانطلاق فيها
جريدة الديوان : هل لديك مؤلفات اخرى او مشاريع ثقافية انت بصدد الانطلاق فيها
الاستاذ مرين هواري: لديا مؤلفين آخرين هما رواية أدبية موسومة ب (الرومية والوادي) وهي رواية أدبية سردية توثق أيضا لمختلف المشاهد الإنسانية التي عاشها سكان مدينة عين الصفراء صبيحة طوفان وادي المدينة وربط ذلك بما حدث للمدينة ذاتها سنة 1904 عندما باغتها أيضا نفس الوادي وكان من ضحاياه إيزابيل ابراهاردت الكاتبة والإعلامية السويسرية الشهيرة وكتاب أخر عن الديبلوماسية في الإسلام العصر الإسلامي الأول أنموذجا وهو كتاب فكري قانوني يشرح مفهوم كلمة الديبلوماسية في عصر الإسلام الأول وكيف كانت تمارس بمفاهيم أخرى من خلال عدة أمثلة وسلوكات سياسية مارسها الخلفاء في بناء الدولة الإسلامية الأولى ومن مشاريعي الثقافية هو البحث عن بناء جسم ثقافي جمعوي يهتم باعادة الروح الثقافية للمدينة والولاية لتشجيع الفعل الثقافي والممارسة الثقافية من اجل تصدر المشهد العام للمثقفين والمساهمة في البناء الوطني التنموي
جريدة الديوان : كلمة أخيرة بمناسبة الاحتفال بعيد الاستقلال
الاستاذ مرين هواري : شكرا لجريدة الديوان على هذه الالتفاتة مع هذه المناسبة العظيمة التي نحتفل فيها بعيد الاستقلال الذي صنعته دماء الشهداء وصبر ومقاومة المجاهدين والذي هو فرصة لجميع فئات الشعب الجزائري بضرورة الحفاظ على هذه النعمة العظيمة من خلال الوحدة الوطنية والحفاظ على الهوية الجامعة ومواصلة بناء الدولة الجزائرية كما كان يريدها الشهداء رحمهم الله جميعا مع العلم ان هذا الكتاب هو بيد وزارة الثقافة وقناة الذاكرة ونحن نطمح ان يتم تحويله الى فيلم تاريخي في اطار اعادة حماية الذاكرة الوطنية وتشجيع الكتابة التاريخية التوثيقية .
حاوره: خريص الشيخ