اطلع على الكلمة الكاملة لرئيس الجمهورية في القمة العربية بالسعودية
ألقى الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان، اليوم الجمعة، كلمة رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، خلال أشغال الدورة الـ32 لمجلس جامعة الدول العربية بجدة في السعودية.
ووصل الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن صبيحة اليوم الجمعة إلى جدّة بالسعودية. للمشاركة في أشغال الدورة العادية الثانية والثلاثين (32) لمجلس جامعة الدول العربية، ممثلا لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.
وجاء في كلمة رئيس الجمهورية: “أود في مستهل كلمتي أن أتقدم بجزيل الشكر وعظيم الامتنان لصاحب الجلالة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود. ولصاحب السمو الملكي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس مجلس الوزراء، على كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال”.
رئيس الجمهورية: الجزائر تشرفت باحتضان الدّورة الـ31 للقمة العربية في ظروف إقليمية ودولية بالِغَة التعقيد
وأضاف الرئيس تبون: “لقد تشرفت الجزائر باحتضان الدورة الواحدة والثلاثين للقمة العربية، في ظروف إقليمية ودولية بالغة التعقيد. فضلا عن اندلاع الأزمة الأوكرانية التي وضعت العالم في حالة استقطاب متزايد وأمام تحديات جديدة متمثلة خاصة في الأمن الغذائي والطاقوي. وفي هذا الصدد، أجدد الدعوة لتعبئة الطاقات التمويلية العربية لا سيما صندوق النقد العربي والصناديق العربية القائمة، لمساعدة الدول الأعضاء التي في أمس الحاجة لهذه المساعدات لتمكينها من تجاوز هذه الظروف الدولية العصيبة”.
وواصل رئيس الجمهورية: “على الصعيد العربي، ستنظم الجزائر خلال الشهر الجاري، الندوة العلمية الأولى حول “الأمن الغذائي في الوطن العربي”. بحضور كبار الخبراء والمختصين العرب للخروج بمقترحات علمية. ومشاريع ملموسة تمهيدا لاعتمادها وتجسيدها بما يدعم الأمن الغذائي لشعوبنا”.
وتابع رئيس الجمهورية: “لقد وضعت الجزائر رئاستها للقمة العربية تحت شعار لم الشمل حيث بعد إعادة توحيد الصف الفلسطيني في الجزائر الذي كلل بتوقيع الأشقاء الفلسطينيين على “إعلان الجزائر”. والتزامهم بالعمل على تجسيد الاستحقاقات المتضمنة فيه. نواصل بالتنسيق مع أخي فخامة الرئيس محمود عباس، مساعينا الرامية لاستكمال مسار المصالحة الوطنية”.
موضحا: “شعار لم الشمل تجسد كذلك باستعادة سوريا الشقيقة مقعدها الطبيعي في جامعة الدول العربية. بفضل الجهود الدؤوبة التي بذلت. ومما يضفي عن هذه العودة طابعا خاصا بالنسبة للشعب الجزائري كونها تأتي تزامنا مع إحياء الجزائر لذكرى مجازر 8 ماي عام 1945. وأود أن أرحب عاليا باسترجاع سوريا لمقعدها بين أشقائها. مع توجيه الشكر إلى كل الدول العربية الشقيقة التي ساندت مسعى الجزائر وعلى رأسها المملكة العربية السعودية”.
رئيس الجمهورية: سخرت الجزائر دبلوماسيتها خدمة لقضيتنا المركزية
ووفاء لمسؤولياتنا التاريخية إزاء الشعب الفلسطيني الشقيق. وتجسيدا لمركزية القضية الفلسطينية في وجدان الشعب الجزائري، يقول الرئيس تبون، لقد سخرت الجزائر دبلوماسيتها خدمة لقضيتنا المركزية. حيث واصلنا المساعي على مستوى الأمم المتحدة لحشد الدعم اللازم بغية توسيع قاعدة الاعترافات الدولية بدولة فلسطين. وحصولها على العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتحدة. وذلك بالتنسيق مع كافة الأشقاء العرب.
مضيفا: “وكذلك بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني. طالبنا المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته التاريخية والسياسية والقانونية والأخلاقية والإنسانية تجاه الشعب الفلسطيني. ليس فقط لوضع حد لتعنت الاحتلال ورفضه الالتزام بالشرعية والقرارات الدولية. وإنما لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بوضع حد لسياسة الاستيطان التي تمارسها سلطة الاحتلال”.
ولفت الرئيس، إلى أن الجزائر ساهمت في الخطوات العملية التي تم اتخاذها من أجل اعتماد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة. لتفعيل دور محكمة العدل الدولية من أجل تكريس حقوق الشعب الفلسطيني. فضلا عن توقيعها للائحة التي تمت المصادقة عليها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة. حيال قرار سلطة الاحتلال بفرض إجراءات عقابية على الشعب الفلسطيني وقيادته ومجتمعه المدني. وهذا بعد طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة لرأي استشاري من محكمة العدل الدولية. مع رفض الجزائر، كل الإجراءات “العقابية”. داعية رفقة باقي الموقعين إلى الإلغاء الفوري لهذه الإجراءات.
ومن جانب آخر، وتنفيذا لقرارات قمة الجزائر، انعقد “مؤتمر دعم القدس” توج باعتماد جملة من الإجراءات. من شأنها تعزيز صمود أهلنا في القدس الشريف الذين يتعرضون يوميا إلى ممارسات إجرامية واستهداف حياتهم. بالإضافة إلى القمع الاستيطاني الممنهج، وسط صمت دولي رهيب. وعجز تام عن ضمان الحماية الدولية اللازمة للشعب الفلسطيني ولمقدساته.
الجزائر تدين بشدة الأعمال الإجراميّة لقواتُ الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة
وواصل رئيس الجمهورية: “لقد أقدمت سلطة الاحتلال على تصعيد خطير تمثل في الغارات الجوية الغاشمة. التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة مخلفة العديد من الشهداء والجرحى من بينهم أطفال ونساء وعزل. إننا ندين بشدة هذه الأعمال الإجرامية، ونجدد تضامننا الكامل والدائم مع الشعب الفلسطيني الشقيق. وندعو المجتمع الدولي وخاصة مجلس الأمن لوقف هذه الاعتداءات الإجرامية المتكررة والـممنهجة. وضمان الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وتمكينه من استرجاع حقوقه المشروعة. وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وفقا لمبادرة السلام العربية التي أكدنا جميعا تمسكنا بها في قمة الجزائر.
الرئيس تبون: نعرب عن ارتياحنا لبوادر الانفراج في العلاقات العربية مع الجارتين تركيا وإيران
وأورد رئيس الجمهورية، أن الجزائر لطالما دعت لاسيما خلال القمة العربية السابقة. إلى الاهتداء بفضائل الحوار لتأسيس علاقات بناءة مع دول الجوار الجيوساسي. التي نـتقاسم معها روابط الدين والتاريخ والإرث الحضاري فضلا عن العامل الجغرافي.
وفي هذا الإطار، يضيف الرئيس، نعرب عن ارتياحنا لبوادر الانفراج التي حدثت من خلال التقارُب الحاصل في العلاقات العربية مع الجارتين تركيا وإيران. والذي نتوسم فيه انفراجا في أزمات المنطقة واستقرارها وخفض التوترات. مما يفتح آفاقا رحبة للتعاون والشراكة. ويمهد لإحلال السلام في المنطقة وفي بعض الدول الأعضاء لاسيما في اليمن الشقيق. حيث نثمن كل الجهود المبذولة لتسوية هذه الأزمة بصفة نهائية ورفع المعاناة عن الشعب اليمني الشقيق.
وأكد رئيس الجمهورية، على ضرورة تعزيز التضامن مع أشقائنا في الصومال وجيبوتي. في مواجهة الجفاف الذي تشهده منطقة القرن الإفريقي للعام السادس على التوالي. والتي تتطلب تدخلا عاجلا لتفادي كارثة إنسانية محدقة بهذين الشعبين الشقيقين وكافة شعوب المنطقة.
رئيس الجمهورية يدعو الإخوة في السودان إلى تغليب المصلحة العُليا للوطن والاحتكام إلى فضائل الحوار
كما تطرق رئيس الجمهورية، للأزمة السودانسة في كلمة، وقال: “يشهد السودان الشقيق انفجار دائرة العنف والاقتتال بين أبناء الشعب الواحد. بعد أن استبشرنا بالاتفاق الإطاري الذي تم التوقيع عليه لطي صفحة المرحلة الانتقالية. وفور التدهور المتسارع للأوضاع على خلفية استمرار المواجهات المسلّحة بين الأشقاء السودانيين. سارعت بإرسال رسائل إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة. والرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي. رئيس جمهورية القمر المتحدة، والأمين التنفيذي للهيئة الحكومية للتنمية “إيغاد”. من أجل تحرك سريع لحقن الدماء. والعودة إلى المسار السلمي لحل الأزمة السودانية العميقة بعيدا عن أي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية السودانية.
ودعا الرئيس تبون، مجددا، الإخوة الأشقاء في السودان إلى تغليب المصلحة العليا للوطن. والاحتكام إلى فضائل الحوار لحل الخلافات. وتجنيب الشعب السوداني الشقيق مخاطر الانزلاق في دوامة العنف الدموي الذي يشكل خطرا على السلم الاجتماعي ووحدة البلاد.
الرئيس تبون يدعو إلى تعزيز التضامن والعمل كمجموعة موحدة تستنير بمبدأ وحدة المصير
ومن جهتة أخرى، لفت رئيس الجمهورية، إلى أنه لا يمكن الحديث عن الأوضاع السائدة في منطقتنا العربية. بمعزل عما يشهده العالم من تحولات عميقة. وتطورات متسارعة تؤشر لظهور نظام دولي جديد متعدد الأقطاب على أنقاض نظام القطب الواحد. قائلا إن هذا الوضع بتعقيداته المتعددة وبتداعياته الكبيرة. يفرض علينا تعزيز التضامن والعمل كمجموعة موحدة تستنير بمبدأ وحدة المصير. ليكون لنا دور فاعل في تحديد التوازنات الجديدة. بالشكل الذي يضمن الحفاظ على مصالحنا المشتركة. ولنا من القدرات والإمكانيات ما يسمح لنا بـتـبوء مكانة مرموقة للمساهمة في رسم معالم مستقبل أفضل لشعوبنا.
رئيس الجمهورية يجدد التأكيد على حتمية إصلاح وعصرنة العمل العربي المشترك
وأورد الرئيس تبون: “من هذا المنطلق، وإدراكا منا بحجم وطبيعة التحديات الجسيمة التي تواجه الأمة العربية. وانطلاقا من إيماننا العميق بفضائل وأهمية العمل العربي المشترك المتجدد. أود التأكيد مجددا على حتمية إصلاح وعصرنة العمل العربي المشترك. وفق نهج جديد يتجاوز المقاربات التقليدية ليضع في صلب أولوياته انشغالات وهموم المواطن العربي”.
معربا عن امتنانه لدعمهم للمقترحات التي تقدمت بها الجزائر من أجل تفعيل دور جامعة الدول العربية في الوقاية من النزاعات وحلها. وتعزيز مكانة الشباب والابتكار في العمل العربي المشترك. وشدد الرئيس تبون على ضرورة تجاوز هذا الاستعصاء الإصلاحي. والإسراع في تفعيل هذه العملية الإصلاحية المحورية. لتمكيننا من مواجهة التحديات المطروحة حاليا على المستويين الإقليمي والدولي.
وفي الختام، قال رئيس الجمهورية، أنه لا يسعه إلا التوجه بخالص التهاني وعظيم التقدير. لصاحب الجلالة خادم الحرمين الشريفين بمناسبة توليه رئاسة الدورة الثانية والثلاثين للقمة العربية. سائلا المولى عز وجل أن يمده بعونه وتوفيقه في تحمل هذه المسؤولية السامية. مؤكدا على ثقته التامة بأن المملكة العربية السعودية ستقود بكل جدارة واقتدار أشغال مجلسنا. لما عهدناه منها ومن لدن صاحب الجلالة شخصيا، من حرص دائم على وحدة الصف العربي وتفعيل وتطوير آليات العمل العربي المشترك.
وفي الأخير، ونيابة عن رئيس القمة العربية الواحدة والثلاثين، الرئيس عبد المجيد تبون. دعا الوزير الأول، صاحب الجلالة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية الشقيقة. للتفضل بتسلم رئاسة القمة العربية الثانية والثلاثين.