لقد كانت جائحة كورونا امتحانا في إدارة المصير ، في تسيير الشأن العام ،في إبداع آليات التكيف مع الظرف الاستثنائي ، في الانتباه لضرورة جاهزية مستمرة و يقظة إستراتيجية في جميع الظروف .
و لعل ذلك ليس اكتشافا ، لكن التحدي يأتي للتأكيد و للتنبيه . في مرجعيتنا القرآنية دروس و عبر في سورة يوسف لما أشار الصديق عليه السلام بتدابير محدّدة لحاكم مصر .
ما فرضه تحدي الجائحة هو رهان حماية الصحة العمومية و الحد من الخسارة الاقتصادية مع ترتيب يعطي الأولوية للصحة في نفس الوقت ، و هو رهان صعب ، لكن لا خيار بديل ووفق أولويات كالتي نجدها في مقاصد الشريعة التي قدمت حفظ النفس على حفظ المال .
و ذلك ما عبّر عنه الرئيس تبون في كلمته عشية العيد لما قال :” إن الحرص على صحة المواطن يظل شغلنا الشاغل إلى أن يرفع الله عنا هذا البلاء و هذا الوباء، ومهما كلف هذا الحرص خزينة الدولة، فلا يساوي شيئا أمام سلامة المواطن “.
و لكن مهما كانت طبيعة التحديات و مقتضيات الموازنات ، لا يمكن أيضا ضمان تكفل حقيقي بالصحة إذا ما كان هناك انهيار اقتصادي ، الأمور مترابطة و هذا ما يترجم اتجاهات التعاطي مع الوضع في مختلف البلدان.وكما كتب الكاتب الصحفي المصري عبد الله السناوي :” لا يمكن لأية دولة تحمّل إغلاق اقتصادها إلى آجال لا تعرف نهايتها، كما لا يمكنها أن تفتحه على حساب صحّة وحياة مواطنيها، كأنّ ليست هناك جائحة تحصد الأرواح.
في الحالة الأولى، فإنّه الموت جوعاً، وفي الحالة الثانية، فإنّه الموت عمداً .
بين التناقضين، فإنّ التعايش مع الجائحة وضعٌ اضطراري لا خيار فيه، في أية دولة في العالم، القضية الحقيقية ليست في التعايش بذاته، بقدر ما هي في الطريقة التي يجري وفقها، والمعايير التي تحكم خطط تخفيف الإجراءات والقيود على حركة الحياة اليومية .
لا يوجد كتالوغ واحد يحدّد للدول ما يتوجّب عليها فعله، في مواجهة تداعيات وآثار الوباء على الحياة العامة، لكلّ دولة ظروفها، وحساباتها التي تحدّد البوصلات الرئيسية في التعايش مع الجائحة، بحسب كفاءة نظمها الصحية وقدرة اقتصادها على التحمّل بأقلّ أضرار ممكنة.
تمثّل الجائحة اختباراً قاسياً لكفاءة الدول والنظم والسياسات الصحية والاقتصادية.
في دولة مثل ألمانيا، تبدّت قدرات في منظومتها الصحية، مكّنتها من السيطرة على ضربات الوباء الموجعة، وأعطت بالفحوصات الواسعة نموذجاً يحتذي به لدقة أعداد الإصابات “.
بعد أسابيع من إجراءات الحجر بدأ العد التنازلي للتخفيف منها في الطريق إلى رفعها الكلي عقب انتهاء المحنة .
و لقد أكد وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، عبد الرحمان بن بوزيد، في حوار مع وكالة الأنباء الجزائرية أن رفع إجراءات الحجر الصحي “ضرورة لا بد منها” و” أن الجزائر حضرت لرفع إجراءات الحجر المنزلي بعد تسجيل مؤشرات إيجابية على مستوى أرقام الوفيات والإصابات، علاوة على التزام المواطن بالإجراءات الوقائية المتعلقة بالحجر الصحي و ارتداء الكمامات“.
محمد بن زيان