الجزائر تدعو لحشد مزيد من التمويل لمكافحة شبكات تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر
المؤتمر الدولي حول التنمية والهجرة بروما:
قال الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمان، يوم الأحد، في كلمة باسم رئيس الجمهورية، خلال أشغال المؤتمر الدولي حول التنمية والهجرة، الذي تجري أحداثه في روما الإيطالية، إن الجزائر تدعو لحشد مزيد من التمويل لمكافحة شبكات تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر.
وجاء في كلمة الوزير الأول باسم رئيس الجمهورية:
يأتي اجتماعنا هذا في سياق يتميز بتفاقم ظاهرة الهجرة غير الشرعية في منطقتنا، مع ما يفرضه هذا الوضع الذي تعكسه المشاهد المأساوية المتكررة، من تحديات على مختلف الأصعدة“.
ويرجع ذلك إلى العديد من الأسباب، لاسيما الاختلالات الهيكلية في المسار التنموي للعديد من البلدان، والتي يعلم الجميع أسبابها وآثارها، بالإضافة إلى الحروب والنزاعات واتساع بؤر اللااستقرار وانعدام الأمن، وتنامي ظاهرة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، والتغيرات المناخية، وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ، فضلا عن ظاهرة النزوح الجماعي من البلدان التي تعاني من الفقر والمجاعة، إلى شمال إفريقيا وأوروبا“
وبالإضافة إلى التحديات ذات الصلة بالتكفل بملايين النازحين واللاجئين، وكذا التحكم في تدفقات المهاجرين غير الشرعيين، فقد أصبحت الهجرة تطرح تحديات أمنية خطيرة بفعل ما يصاحبها من تنام للجريمة المنظمة، والاختراقات التي تعرفها شبكات التهريب والاتجار بالبشر، من قبل منظمات تخريبية، لتسهيل حركة الإرهابيين بهويات مزيفة، مما يهدد سلامة الأشخاص والممتلكات والأمن الداخلي للدول“.
قد أخذت مسألة الهجرة في السنوات الأخيرة، لاسيما بعد سنة 2015، بعدا خاصا على المستويين الجهوي والدولي، مع ارتفاع تدفقات النازحين والمهاجرين إلى أوروبا على إثر الأزمات التي عرفتها العديد من الدول في إفريقيا والمنطقة العربية.
وقد تحولت الجزائر، بحكم موقعها الجغرافي الاستراتيجي، والتنمية الاقتصادية التي عرفتها في الفترة الأخيرة، وكذا الاستقرار الذي يميزها، من بلد مصدر وعبور إلى بلد استقبال واستقرار للمهاجرين القادمين من دول منطقة الساحل والصحراء، ومن بعض مناطق النزاع في بعض البلدان العربية. وهو وضع ازداد حدة بفعل التدابير والترتيبات الأمنية لحماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، وتشديد إجراءات منح التأشيرات.
وبالرغم من ذلك، تبنت الجزائر لعدة سنوات، بحكم تضامنها الدائم مع دول الجوار، سياسة متساهلة لحد ما، تجاه هذه التدفقات. وهو ما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في أعداد المهاجرين غير الشرعيين الذين استقروا على ترابها، مع ما لذلك من تداعيات على مختلف الأصعدة.
لا ريب في أننا سنشهد استفحال هذه الظاهرة مستقبلا إذا لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة وتنفيذها في الوقت المناسب. ثم إن المعالجة الأمنية لملف الهجرة، وإن كانت تستجيب للضرورة الملحة للحفاظ على النظام العام ومكافحة شبكات التهريب والاتجار بالبشر، فهي لا تساهم بشكل مستدام في معالجة هذه الظاهرة. ولذا، فمن الضروري تصور حلول شاملة تضمن تحقيق الاستقرار والدفع بديناميكيات التنمية وخلق فرص الشغل للشباب وتمكينهم في دول المصدر، من أجل تطويق ظاهرة الهجرة غير الشرعية.
ومن هذا المنطلق، يتعين أن يولي التعاون بين الشمال والجنوب مكانة هامة لتقديم المساعدة والدعم إلى دول الجنوب، لاسيما من خلال رفع مستوى المساهمات المقدمة إلى هذه الدول في مجالات التنمية. ولذا، تدعو الجزائر إلى حشد المزيد من التمويل، بما في ذلك من خلال أدوات الاتحاد الأوروبي للتعاون الدولي والتنمية، من أجل تنفيذ المشاريع الاجتماعية والاقتصادية، وإعادة الإدماج، وفق رزمانة زمنية محددة حتى نتمكن من قياس نجاعة المساعي والسياسات الرامية لمكافحة هذه الظاهرة ، وكذا لغرض مكافحة شبكات تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر.
وتلكم هي الرؤية التي تتبناها الجزائر إزاء هذه الظاهرة ، حيث تبذل جهودا حثيثة لدعم السلم والاستقرار في المنطقة ومجابهة التحديات الأمنية ، كما تواصل دعمها لمساعي التنمية في المنطقة وإفريقيا، حيث قرر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون مؤخرا، تخصيص مبلغ قدره واحد ( 1 ) مليار دولار لدعم التنمية والاندماج في الدول الإفريقية .