
تُشارك 18 فرقة فنية من مختلف ولايات الوطن في الدورة الـ 15 بالمهرجان الثقافي الوطني لموسيقى “قناوة”، الذي يُعدّ فرصة للاحتفاء بهذا الفنّ العريق الذي يعكس التراث الثقافي الجزائري.
كما تُمثّل موسيقى قناوة، التي تمثل جزءًا من البُعد الأفريقي للجزائر، إذ تُعتبر تجسيدًا للهوية الوطنية وتعبيرًا عن عمق التاريخ الثقافي والحضاري للبلاد.
يعكس المهرجان أهمية الحفاظ على التراث الثقافي الجزائري بمختلف جوانبه المادية وغير المادية.
وفي كلمة ألقاها نيابة عنه مدير الثقافة والفنون لولاية النعامة، محمد قمومية، أكد وزير الثقافة والفنون، زهير بللو، أنّ تنظيم هذا المهرجان يعكس اهتمام الدولة الجزائرية الكبير بالحفاظ على التراث الثقافي الوطني بمختلف أشكاله المادية وغير المادية، والذي يُعد أساس الهوية الوطنية. وأضاف أنّ هذه التظاهرة الثقافية تؤكد البُعد الحضاري العميق للجزائر، باعتبار موسيقى قناوة والطبوع الغنائية التقليدية جزءًا من البُعد الإفريقي المميز للبلاد.
وشدد الوزير حرص الوزارة على حماية وتثمين الرصيد الثقافي والتنوع الفني الذي تتميز به الساحة الفنية الجزائرية، مع السعي للحفاظ عليه ونقله للأجيال الشابة.
كما نوّه بظهور العديد من الفرق الفنية الشابة في مختلف ولايات البلاد، التي حقق بعضها شهرة عالمية، وذلك في إطار تعزيز هذا الفن والتعريف بإيقاعاته، موسيقاه، ألحانه، ورقصاته الفولكلورية.
من جهته، ذكر محافظ المهرجان، رحماني محمد، أنّ هذا الحدث الثقافي والفني يُعدّ محطة هامة لتشجيع الإبداع الفني ورعاية المواهب الشابة، بهدف تعزيز وتثمين طابع موسيقى قناوة.
وأضاف أن المهرجان يعكس ارتباط الفنان بأصالته، كما يُعدّ مناسبة لتكريم روح الفقيدة “حسنة البشارية”، التي كان لها دور كبير في شهرة هذا اللون الفني على الصعيدين الوطني والدولي.
وفي السهرة الأولى للمهرجان، تناوبت على المنصة مجموعة من الفرق الموسيقية بعد مرور موكب الفرق المشاركة، أمام جمهور كبير. من بين هذه الفرق كانت “عشاق الديوان” من القنادسة (بشار)، والجمعية الفولكلورية للبيض، و”جيل الواحة” من بشار، إلى جانب فرق أخرى قدّمت معزوفات وأغاني تعكس التراث الثقافي الجزائري الغني والمتنوع.
وتفاعل الجمهور بشكل حماسي مع أداء العازفين والمغنيين، حيث استمتعوا بالعروض المتميزة التي قدمها المعلم حميد عمامي وفرقته فرسان ديوان مغنية (تلمسان).
ويُعتبر عمامي من الموجة الجديدة من المعلمين الشباب (المعلم هو القائد الرئيسي للفرقة)، إذ أدّى بصوت قوي ومميز مجموعة من المقطوعات والأغاني التراثية، بتناغم مع إيقاع الطبل والقرقابو، وبمساعدة جوقه الموسيقي، حيث أبدع في العزف على آلة القمبري خلال السهرة الافتتاحية للمهرجان.
وقد أضفى الحضور جوًا من الحماس والفرح، مما جعل السهرة الافتتاحية للمهرجان الذي تحتفي به ولاية النعامة حدثًا ثقافيًا حافلًا بالطاقة والإبداع.
يتضمّن المهرجان الذي يحمل شعار “موسيقى قناوة وتحديات العولمة الثقافية حفاظًا على الهوية”؛ سهرات فنية تستمر لمدة أربعة أيام، حيث تتنافس الفرق المشاركة من مختلف ولايات الجزائر على المراتب الثلاثة الأولى.
وسيتم تحديد الفائزين من خلال لجنة تحكيم مختصة، وقد خصصت محافظة المهرجان جوائز قيمة للفائزين.
وتُبدي هذه الفرق الموسيقية حضورها المتميز باستخدام آلاتها الموسيقية العتيقة وارتدائها الزي التقليدي، مما يساهم في إمتاع الجمهور وإحياء ليالي المهرجان.
وتُنظم هذه التظاهرة تحت رعاية وزارة الثقافة والفنون وبإشراف من الولاية، بهدف إحياء هذا التراث الموسيقي الذي يعرف انتشارًا واسعًا في مختلف مناطق الجزائر.
ويعزّز الاهتمام بهذا الفن بفضل المنصات المتخصصة وشبكات التواصل الاجتماعي، التي ساهمت بشكل كبير في جذب انتباه الشباب لهذا التراث العريق.
يشمل برنامج التظاهرة ورشة تكوينية حول “موكب الطبل” والعزف على آلة القمبري، بالإضافة إلى محاضرات ونقاشات تهدف إلى التعريف بالمذاهب الفنية وطقوس قناوة، بمشاركة مجموعة من الباحثين المتخصصين.
ويُشار إلى أنّ المهرجان الثقافي الوطني لموسيقى قناوة تأسّس في عام 2007 كتظاهرة ثقافية وطنية تحتفل بهذا التراث الفني العريق.
وفي عام 2021، قامت وزارة الثقافة والفنون بنقل المهرجان من ولاية بشار إلى عين الصفراء بولاية النعامة، وذلك بعد نقل المهرجان الدولي لموسيقى ديوان قناوة من الجزائر العاصمة إلى بشار.
يتميّز المهرجان في كل طبعة بمشاركة واسعة للعديد من العازفين والفنانين، تشجيعًا للإبداع الفني في هذا المجال، كما أشار المنظمون، بهدف إحياء رصيد غنيّ من التراث الثقافي الوطني الذي تزخر به مختلف ولايات الجزائر.
شهرزاد