آخر الأخبارإقتصادالحدثالوطنيمتفرقات

مخطط وطني تدريجي لإخراج الحافلات المتهالكة من الخدمة  

مرافقة الناقلين ودعمهم من خلال تسهيلات إدارية ومالية

في إطار المسعى الوطني الشامل الرامي إلى تحديث حظيرة النقل الجماعي وتحسين جودة وأمن النقل العمومي، كشف عبد الغني حمّاني، مدير النقل البري واللوجستيك بوزارة الداخلية والجماعات المحلية والنقل، عن الخطوط العريضة للخطة الحكومية الخاصة بتجديد الحافلات المتهالكة، وذلك خلال استضافته في حصة “ضيف اليوم” عبر أمواج القناة الإذاعية الوطنية الأولى، تنفيذًا لتوجيهات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون.

وأوضح حمّاني أن العملية ستُنفذ وفق مقاربة مرحلية مدروسة، تنطلق في مرحلتها الأولى بسحب الحافلات التي يفوق عمرها ثلاثين سنة، تليها مرحلة ثانية تشمل الحافلات التي يتجاوز عمرها عشرين سنة، في إطار رؤية شاملة تهدف إلى رفع مستوى السلامة، تحسين نوعية الخدمة، ووضع حد لمخاطر تقنية باتت تهدد أرواح المواطنين يوميًا.

وفي هذا السياق، شدد المتحدث على أن هذه الإجراءات جاءت استجابة مباشرة لتوجيهات رئيس الجمهورية عقب الفاجعة الأليمة التي شهدها وادي الحراش يوم 15 أوت الماضي، والتي أودت بحياة 18 شخصًا. واعتبر حمّاني أن تلك الحادثة شكّلت نقطة تحوّل حاسمة في التعاطي مع ملف الحافلات المتهالكة، باعتباره قضية تتجاوز الطابع الخدمي إلى أبعاد أمنية واستراتيجية تمس السلامة العمومية.

;كشف حمّاني عن عقد اجتماع تنسيقي بمقر وزارة الداخلية والجماعات المحلية والنقل، خُصص لدراسة آليات التجسيد الفعلي للقرار الرئاسي، بحضور مختلف الشركاء الاجتماعيين، على غرار الاتحاد الوطني للناقلين، المنظمة الوطنية للناقلين، والاتحاد الوطني للتجار والحرفيين، في خطوة تعكس الطابع التشاركي لهذا المسعى  الوطني.

وأكد حماني  على  التزام الحكومة الجزائرية بمرافقة الناقلين ودعمهم في مسار تجديد الحافلات، من خلال تسهيلات إدارية ومالية، مشيرًا إلى توجيه مراسلات رسمية إلى مصالح رئاسة الجمهورية، نظرًا للطابع الإستعجالي  للمشروع،و الذي يستوجب إشراك عدة قطاعات وزارية، وعلى رأسها وزارات المالية، الصناعة، والتجارة وضبط السوق الوطنية والشركاء الاجتماعيين القطاع.

وأوضح حمّاني أن التصورات المطروحة تهدف إلى تجديد جزء معتبر من الحظيرة الوطنية خلال آجال لا تتجاوز ستة أشهر كمرحلة أولى، مع توفير ضمانات جبائية وجمركية لفائدة الناقلين، في حدود ما يسمح به الإطار القانوني، لتمكينهم من اقتناء حافلات جديدة أو شبه جديدة لا يتجاوز عمرها خمس سنوات، بما ينعكس مباشرة على السلامة المرورية وتقليص نسب الحوادث.

وفيما يخص مصدر الحافلات، شدد حمّاني على أن الأولوية ستُمنح للإنتاج الوطني، لاسيما مصنع ولاية تيارت، باعتباره خيارًا استراتيجيًا لدعم الصناعة الوطنية وخلق القيمة المضافة. غير أنه لم يستبعد اللجوء إلى الاستيراد كحل ثانوي في حال تسجيل عجز أو ندرة في العرض المحلي، ضمانًا لنجاح هذا المسعى الوطني.

وكشف المتحدث أن أكثر من 3500 حافلة يفوق عمرها عشرين سنة لا تزال تنشط حاليًا، وتمثل قرابة ثلث الحظيرة الوطنية، وهو ما يفرض—حسبه—تضافر جهود كل القطاعات الوزارية والشركاء الاجتماعيين، لجعل سلامة المسافر الجزائري أولوية لا تقبل التأجيل.

فيما يواصل نواب المجلس الشعبي الوطني مناقشة أحكام قانون المرور الجديد ، فقد كشفت  المفتشية العامة للمالية الخسائر السنوية لحوادث المرور بنحو 230 مليار دينار، وهو رقم يعكس حجم الاستنزاف المالي والبشري الذي تتحمله الدولة سنويًا، ويؤكد أن السلامة المرورية باتت رهانًا اقتصاديًا واستراتيجيًا بامتياز، يتجاوز بعدها الأمني والاجتماعي التقليدي.

وفي هذا الإطار، يأتي مشروع قانون المرور الجديد المعروض على المجلس الشعبي الوطني كخطوة إصلاحية تهدف إلى كبح الارتفاع غير المقبول في عدد الحوادث. وأكد حمّاني أن الإصلاح التشريعي أصبح ضرورة ملحّة أمام ما تشهده الطرقات من “مجازر حقيقية” تخلف خسائر جسيمة على مختلف المستويات.

وكشف المسؤول أن الفترة الممتدة بين 2022 و2024 عرفت تسجيل 24.644 حادث مرور، أسفرت عن 3.159 حالة وفاة و33.513 جريحًا، وهي حصيلة تعكس حجم الخطر الداهم الذي يهدد السلامة العامة، فضلًا عن الأعباء الثقيلة التي يتحملها قطاعا الصحة والضمان الاجتماعي.

وأوضح حمّاني مدير النقل عبر الطرقات و اللوجستيك بوزارة الداخلية والجماعات المحلية والنقل بأن مشروع القانون الحالي  يقترح تصنيفًا جديدًا للمخالفات المرورية وفق أربع درجات خطورة، إضافة إلى الجُنح، بما يكرّس مبدأ التناسب بين الخطأ والعقوبة.

كما يتضمن مراجعة شاملة للغرامات المالية المجمدة منذ سنة 2009، مع اعتماد سلم تدريجي قد يصل إلى 15.000 دينار للمخالفات الأكثر خطورة.

وفي شقه الوقائي، يولي النص أهمية خاصة للسائقين المهنيين، لا سيما في النقل العمومي والمدرسي، بالنظر إلى جسامة المسؤولية الملقاة على عاتقهم.

وأشار حمّاني إلى تزايد مقلق في حالات تعاطي المخدرات وسط هذه الفئة، ما استدعى تشديد الرقابة والعقوبات حمايةً للأرواح.

ويعكس هذا التوجه الرسمي قناعة متزايدة بأن حوادث المرور لم تعد مجرد إشكال تقني أو سلوكي، بل تحولت إلى معضلة اقتصادية واستراتيجية تمس مناخ الاستثمار، جودة الحياة، والاستقرار الاجتماعي، ما يجعل إصلاح منظومة النقل والسلامة المرورية خيارًا وطنيًا لا يحتمل التأجيل.

 

 

هشام/م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى