مافيا العقار تستبيح معلم أثري مصنف عالميا بالعنصر في وهران
تحقيق : بورحيم حسين
استيقظت بلدية العنصر على وقع فضيحة عقارية مدوية بطلها مواطن يقطن بذات المنطقة ، والذي فرض نفوذه على احد اقدم المعالم الاثرية المصنفة منذ سنة1954 والمسماة “بالمرصد الفينيقي” الذي استغله الاخير بطريقة غير شرعية وبتواطؤ منتخبين من داخل البلدية الذين حرروا له رخصة بناء ليقوم على اثرها بغلق جميع المنافذ المؤدية الى المرصد ،قبل ان يحيطه بجدار اسمنتي و يضع باب حديديا ،في ظل غياب المصالح الولائية وكذا مديرية الثقافة .
ذات المواطن أغلق مساحة شاسعة من الموقع الأثري المسمى المرصد الفنيقي بالأندلسيات بلدية العنصر برخصة مسلمة من البلدية تحت رقم 34|2022 رغم علمها ان الموقع اثري مصنف و جد قريب من شاطئ “الديوانة” ،كما ان جزء من هذه المساحة المعتدي عليها تابعة للأملاك الوطنية للغابات ويتعلق الامر بالقطعة التي تحمل رقم 05 الجزء 16 ، اذ ان المعني قام بوضع الحجارة على الطريق البلدي المؤدي إلى مسكنه بالحجارة و كتب ممنوع المرور ملكية خاصة .
وحسب مصادر “الديوان” فقد تنقل عدد من المواطنين إلي مقر مديرية الثقافة لإبلاغهم بالحادثة ، اين تم الإستماع اليهم من طرف رئيس إحدى المصالح الذي أكد لهم بأنهم ليسوا على علم بما يجري بهذا الموقع ، ليقدموا له مقاطع فيديو وصور فوتوغرافية ، التي اثبتت صحة أقوالهم ليعدهم الأخير بأنه سيبلغ الجهات الوصية للتنقل إلي عين المكان وفتح تحقيق في القضية .
ومن جهتنا ربطنا الإتصال بمديرة الثقافة لولاية وهران للاستفسار عن حقيقة هذا الاعتداء على أهم المواقع المصنفة علي مستوى الولاية الا انها لم ترد على رسائلنا النصية، لتبقى الثقافة تعيش سباتا عميقا في وقت تقوم مافيا العقار بنهب اهم المواقع السياحية واثرية.
ولا تعد الحادثة وليدة اليوم بل سبق لوالي وهران الاسبق المتواجد حاليا بالمؤسسة العقابية” عبد المالك بوضياف” بيع ما تبقى من موقع ”المقبرة البونيقية” لمستثمر خاص، من أجل إنجاز ملعب كرة قدم ومسبح أولمبي تابعين لمركبه السياحي، وفي الوقت الذي تأهب فيه المستثمر الخاص لإنجاز مشروعه، استشاط النشطاء في مجال حماية التراث غضبا و سخطا من هذا التصرف الخارق للقانون .
الامر الذي جعل لجنة تحديد الموقع وترقية الاستثمار وضبط العقار لولاية وهران، تجتمع شهر جوان 2012 لدراسة طلب المستثمر شراء قطعة أرضية مساحتها تفوق 3 هكتارات، تحتضن المعلم التاريخي المسمى ”المرصد الفينيقي” المصنف سنة 1954 من قبل السلطات الفرنسية وأعيد تصنيفه في سنة 1968 كما هو منشور في الجريدة الرسمية رقم 7 بتاريخ 23 جانفي 1968 وفيما حضر الاجتماع مدير السياحة، حيث سجّل غياب مديرة الثقافة التي كان من واجبها الدفاع عن المرصد الفينيقي، خاصة أن مصالحها تحوز على الوثائق التي تشير إلى أن الموقع عبارة عن محمية ومصنف في التاريخين سالفي الذكر.
كما أنها لم تتدخل حينما بلغها محضر اجتماع اللجنة الذي أرسل إلى كافة المديريات التنفيذية.
ويجدر الاشارة الى أنه أثناء عملية حفر أساسات المركب السياحي ”نيوبتش” بجانب المعلم ذاته سنة 2000، برزت على سطح المقبرة البونيقية عظام وجماجم آدمية، بالإضافة إلى أوان فخارية مستعملة في العهد الفينيقي. وإثرها، تنقل مدير الوكالة الوطنية للآثار وحماية المعالم والنصب التاريخية إلى الموقع، وكتب تقريرا إلى والي وهران، أشار فيه إلى أن بعد حفريات الإنقاذ التي قامت بها فرقة الباحثين للوكالة الوطنية للآثار، خلال المهمة التي دامت من 16 إلى 25 سبتمبر 2000 بالأندلسيات في وهران، توضح وجود أشغال جارية في إطار إنجاز مشاريع مركبات سياحية بالمعلم التاريخي المسمى ”المقبرة البونيقية”، المصنّف منذ سنة 1954 والمنشور بالجريدة الرسمية رقم 7 بتاريخ 23 جانفي .1968 وطلب على إثر هذا التقرير توفير الحماية وتثمين هذا المعلم التاريخي، تطبيقا للقانون رقم 4 / 98 بتاريخ 15 / 6 / 1998 المتعلق بحماية التراث الثقافي والمحافظة عليه. كما تقدم في نفس التقرير بطلب وقف الأشغال، وكذا كل المشاريع الجارية بالأندلسيات، وأُنجز المركّب السياحي رغم كل ما ذكر، بموافقة الوالي خلال تلك الفترة.