لاعب المنتخب الوطني للريغبي يبيع المثلجات بوهران: رفضت العمل في الملاهي الليلية لكسب لقمة عيش “حلال”
حاوره : بورحيم حسين
تصوير : محمد ونان
في حدث اعتدنا على رؤيته في خضم الألعاب المتوسطية التي استظافتها وهران ، والتي أماطت اللثام على أبطال شرفوا الراية الوطنية من خلال حصدهم لميداليات من المعدن الثقيل ، لتتجلى بعدها صور المعاناة التي كانوا يعيشونها فمنهم من باع سيارته للتحضير للبطولة في صورة المصارع “ادريس مسعود” بطل رياضة الجيدو ، ومنهم من عمل حمالا ويقبع في سكن فوضوي مثلما هو الشأن للمصارع ” إسحاق غيو “، ليأتي الدور هذه المرة على أحد أسود وهران في رياضة الريغبي ، ويتعلق “بمحمد نذير” صاحب 23 ربيعا الذي وجدناه يداعب ألات بيع المثلجات بحي “كاسطور” لكسب قوة يومه ، بعدما تبين بأنه لا يملك مصدر دخل ويقوم بتحضيراته اليومية من ماله الخاص فكان لنا معه هذا الحوار الشيق .
الديوان: الكثيرون يتساءلون عن شخصية “ندير” فمن يكون ؟
نذير: يضحك ثم يجيب ، أنا العبد الضعيف ترزي محمد ندير من مواليد 20 أفريل 1999 بوهران ، ابن حي تيريقو وتحديدا “شارع قالمة” ، متحصل على شهادة ماستر في تخصص ” اليكترو- تقني ” ، ولاعب ريغبي في المنتخب الوطني للمحلين .
الديوان: على ذكر رياضة الريغبي كيف تمكنت من حجز مكانتك في فريق ملعب وهران ؟
نذير: ككل الرياضة المعروفة والمشهورة في العالم ينطلق اللاعب من الصفر ويبدل مجهودات للوصول إلى هدفه، وهذا ما عشته في مسيرتي حيث كانت بداية من بوابة ملعب وهران الذي التحقت به في 2018 أين خصت معهم موسما استثنائيا نجحت من خلاله في فرض مكانتي كلاعب أساسي قبل أن يتم معاينتي من طرف طاقم المنتخب الوطني لفريق المحليين ، ليتم استدعائي في 2019 لأشارك معهم في البطولة العربية سوبعية بالأردن .
الديوان : كيف كان شعورك عندما وصلك استدعاء من الفريق الوطني؟
نذير: بدون مقدمات أحسست بفرحة عارمة لدرجة أنني خرجت للشارع وقمت بصراخ مطولا ، لأنني احسست بأن مجهوداتي لم تذهب سدى إذ كنت أقوم بتدريبات إضافية بمفردي للوصل لمستوى الفريق الذي كان جد متطور ، علما أنا رياضة الريغبي ليست ككرة القدم أو كرة الطائرة أو باقي الرياضات الجماعية ، الريغبي يعتمد على تقنيات دقيقة تتمشى مع جميع اللاعبين ، وأي خلل في لاعب يؤدى بالفريق للهزيمة مباشرة .
الديوان: ما هو الموقع الذي يحبذه نذير ويجد راحة في اللعب فيه؟
نذير: الموقع الذي لا يمكنني ان استغني عنه هو “le pilier ” الذي يعتمد على القوة البدنية والنية المورفولوجية ، إذ أعتر صمام الأمان في حالة الدفاع اين يستوجب علي أن أكون أول من يصد هجمة الخصم ، أما في حالة الهجومية فأقوم بنفس الدور إذ أقود الهجمة وأسعى دائما لربع أمتار في الميدان للوصول لتسجيل الأهداف.
الديوان: بما أنك تطرقت إلى الحديث عن البنية المورفولوجية، لماذا اختار نذير العمل كبائع المثلجات؟
نذير: العديد من الزبائن يطرحون على هذا سؤال يوميا، خاصة عندما يرون بنيتي القوية التي تعد محل اهتمام بالنسبة لهم، لكن ما باليد حيلة عندما لا تجد مصدرا للرزق عليك بالبحث عنه، وهو ما فعلته كون أنني طرقت كل أبواب بالرغم من أنني املك شهادات دراسية تخول لي العمل في منصب حساسة، إلا أنني لم أجد بديلا عن مرافقة آلات المثلجات التي تلازمني طيلة اليوم.
الديوان: بكل صراحة ألم تأتك عروض من أصحاب الملاهي الليلة للعمل فيها كحارس ملهى ليلي أو كما يعرف بـ “فيدور”؟
نذير: وكأنك تقرأ أفكاري، منذ أقل من أسبوع جاءني العرض العشرون من أحد الأشخاص الذي عرض علي العمل في إحدى الملاهي المعروفة ببلدية عين الترك مقابل مبالغ مالية خيالية ، إلا أنني رفضت عرض منذ الوهلة أولى لا لشئ إلا لأنني أؤمن بأن الرزق الحرام لا يدوم ولا ينفع صاحبه ، بنسبة عندما ابدأ العمل في تقديم المثلجات أحس أنني أغنى الأغنياء .
الديوان: وماذا عن المساعدات والرواتب المالية التي تتلقاها من فريق الريغبي ؟
نذير: هههه ، هذه المرة الثانية التي تضحكني فيها، لا زلت تؤمن بالغولا ، كما يقول القدماء ، عن أي أموال ومساعدات تتحدث نحن نتدرب ونلعب مجانا رياضة الريغبي ، لأنني أحبها كثيرا ومتعلق بها ، أما فيما يخص رواتب والتحفيزات فلا نعرف هذا المصطلح ماذا يعني .
الديوان : ألهذه الدرجة تعانون في ممارسة رياضة الريغبي؟
ندير هذه قطرة من فيض ، ماذا تقول عندما أقول لك بأننا لا نملك ملعبا للتدرب ، ونقوم بكراء ملعب لا يصلح حتى اسطبلا للمواشي لنتدرب فيه وغالبا ما نتعرض فيه لإصابات تحرمنا من لعب المباريات ، ناهيك عن انعدام التجهيزات والمنشأة التي تساعدنا على تطوير مستوياتنا ، على غرار باقي الرياضات ككرة القدم مثلا كل نوادي حتى التي تلعب في القسم جهوي تملك ملاعبا تستقبل فيها وتتدرب فيها .
الديوان : هل نجحت في تحقيق بطولات مع فريقك ملعب وهران؟
نذير : بكل تأكيد وفقنا في حصد 3 كؤوس الجمهورية التي لعبنا فيها ، علما أنه يوجد أكثر من 15 فريق ينشط على المستوى الوطني في هذه الرياضة التي لا تزال تفتقد إلى الشعبية ، لتصبح معروفة مثلما هو الحال في الدول الأوروبية كإيطاليا وفرنسا.
الديوان : لماذا لم يطرق نذير أبواب الاحتراف خارج التراب الوطني؟
نذير: من منا لا يحب الأفضل ، لقد سعيت جاهدا لفرض وجودي في المنتخب الوطني للمحلين ، وأثبت مكانتي خلال الدورة العربية بالأردن ، وهو مما مهد لي الطريق للسفر نحو الخرج والبحث عن فريق أوروبي ، لكن تأتي الرياح بما تشتهي السفن، ككل الاختصاصات أثرت موجة كورونا التي أصبت العالم على مستقبلي بشكل سلبي إذ توقفنا لمدة 3 سنوات ، لنعود مؤخرا لجو التدريبات ويستمر الحلم دائما.
الديوان : بماذا يطالب أو ينتظر نذير من وزارة الشبية والرياضة ؟
نذير: انا شاب جزائري غيور على وطنيه ويسعى جاهدا لتقديم أحسن صورة له ، وتشريف الراية الوطنية في المحافل الدولية ، لكن لابد على السلطات المعنية وعلى رأسها وزارة الشبيه والرياضة النظر إلى هذه الرياضة التي يمكنها أن تفرض وجودها ، نظرا للنخبة المتواجدة في ترسانة الفريق الوطني محلين الذين نجحوا في تحقيق المرتبة الرابعة في الألعاب العربية ، في حين أن الفريق الأول تمكن من حصد المركز الثاني في تصفيات كأس أمم إفريقيا التي أقيمت بفرنسا ، وهو ما يستدعى من الجهات الوصية الوقوف مع هذه الشريحة وتدعيمها ماديا ومعنويا.
الديوان : الميكروفون أمامك لتقديم كلمة أخيرة ل “الديوان“.
نذير: تشرفت كثيرا لمقابلة قناة الديوان التي فتحت لي المجال للتعبير عن أشياء اخفيتها لسنوات وتمنيت أن أطلع عليها الجهات الوصية، وأتمنى أن أزور مقركم كلاعب في الفريق الوطني الأول لأنكم أول قناة تسلط الضوء على رياضي الريغبي.