قضية دور الجيش الخارجي… الأمن القومي للجزائر يتجاوز حدودنا الجغرافية
عرفت الجزائر منذ استقلالها باعتمادها البعد عن التدخل في شؤون غيرها ، و فق ما شكل عقيدة للديبلوماسية و للجيش .في مسودة مشروع التعديل الدستوري طرح ما أثار و يثير النقاش عن إمكانية مشاركة الجيش خارجيا وفق شروط محدّدة. و ردا على الجدل توقفت مجلة ال الجيش, في عددها لشهر جوان الجاري عند القضية و بيّنت بأن المقترح الذي تضمنه مشروع تعديل الدستور والقاضي بمشاركة الجيش الوطني الشعبي في عمليات حفظ السلام خارج الحدود الوطنية,
“يتماشى تماما مع السياسة الخارجية لبلادنا”و “مقترح مشاركة الجيش الوطني الشعبي في عمليات حفظ السلام خارج حدودنا الوطنية يتماشى تماما مع السياسة الخارجية لبلادنا, التي تقوم على مبادئ ثابتة وراسخة تمنع اللجوء إلى الحرب وتدعو إلى السلام وتنأى عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول وتحرص على فض النزاعات الدولية بالطرق السلمية, تماشيا مع قرارات الشرعية الدولية ممثلة في الهيئات الدولية والإقليمية“.
و أن “الأمن القومي لبلادنا الذي يتجاوز حدودنا الجغرافية الوطنية, يقتضي في ظل الوضع السائد على الصعيد الإقليمي وما يطبعه من تحولات وتغيرات جديدة، تعزيز حماية أمن واستقرار وطننا والمشاركة في عمليات فرض حفظ الأمن”، ومن شأن هذا الأمر أن يساهم في “تفعيل السلم والأمن، خصوصا بقارتنا السمراء التي تشهد أكبر عدد من النزاعات في العالم وانتشار أكثر عدد من مهمات الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، لحفظ السلم في دول نخرتها الحروب والنزاعات“.
وأشارت المجلة التي هي لسان مؤسسة الجيش أنه رغم أن هذه المسودة حملت “مقترحات مهمة وإضافة دستورية لافتة بخصوص عديد المجالات، إلا أن مقترح دسترة مشاركة الجزائر في عمليات حفظ السلام تحت رعاية الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي أو الجامعة العربية، نال حصة الأسد في النقاشات” و أن “الحقيقة التي لا مناص منها, أن قطاعات عريضة من المجتمع رحبت بمضمون هذا التعديل وقرأت خلفياته وأبعاده بطريقة متأنية وصحيحة وقدمت بذلك أفكارا بناءة, في حين حاول البعض ممن اعتادوا الاصطياد في المياه العكرة, إخراج النقاش عن سياقه الحقيقي, وتعمدوا – كما جرت عليه العادة – بث معلومات مغلوطة وأفكار مسمومة, لا تمت للحقيقة بصلة” و الهدف “شيطنة كل مسعى جاد تقوم به الدولة, تماشيا مع مستجدات الأوضاع على أكثر من صعيد“.
ذلك توضيحا ووضعا للنقاط على الحروف.
و بخصوص الموضوع قال الخبير في الشؤون الدولية بشير شايب، إن المقترح يواكب التطوّرات والتحوّلات في مفهوم الأمن القومي، مضيفًا أن السماح بإرسال قوّات عسكرية خارج الحدود يستجيب للتحديات المستقبلية التي تواجه الجزائر، وهو تفعيل لخدمة الأمن القومي الجزائري، الذي يبدأ من باب المندب إلى مضيق جبل طارق، وأنّ أي هزّة في الإقليم، ستنعكس سلبًا على أمننا الداخلي و “أنه لا يعقل أن يكون هذا الانكفاء داخل الحدود السياسية، في انتظار الأخطار الخارجية كما هو حاصل في ليبيا والساحل الأفريقي” و “عدم تفعيل هكذا مقترح سمح للدول الأجنبية باللعب منفردة في الإقليم، وخاصّة القوات الفرنسية في الساحل، والتي تقوم بدور مريب في استمرار الاستقرار في المنطقة وكذلك تدخلات أطراف دولية عديدة“.
و” وجود قوّات جزائرية مستعدة للتدخّل حيث يجب، أمرًا سيقطع الطريق على الكثير من الأطراف الدولية والإقليمية التي تتلاعب بالأمن القومي الجزائري و” أن التدخّل خارج الحدود لا يعني الدخول في تحالفات وتكتلات عسكرية موجّهة ضد دول بعينها، أو التحوّل إلى شرطي في الإقليم، وإنّما الاستعداد الدائم للدفاع عن السيادة الوطنية ومصالح الجزائر في كلّ مكان“.
أما أكرم خريف الخبير في الشأن الأمني والعسكري وصاحب موقع “مينا ديفونس” يرى أن مقترح تعديل الدستور ما هو إلا وضع إطار قانوني ورسمي لإرسال وحدات عسكرية خارج الوطن، ويتمثّل هذا عبر ثلاث مقترحات كما جاء في المسودة، أوّلها دسترة مشاركة الجزائر في عمليات حفظ السلام، تحت رعاية الأمم المتحدة، وثانيها دسترة مشاركة الجزائر في استعادة السلم في المنطقة، في إطار الاتفاقيات الثنائية مع الدول المعنية، وأخيرًا هي أن المادة 95 من صلاحيات رئيس الجمهورية، التي يقرّر فيها إرسال وحدات من الجيش إلى الخارج بعد مصادقة البرلمان بأغلبية الثلثين من أعضائه.
و”أن هذه التعديلات من شأنها رفع الضبابية واللبس حول التصور القائم بأن عقيدة الجيش الجزائري عقيدة دفاعية فقط، مضيفًا، أن الجزائر عرفت عدّة تداخلات خارج حدودها، “ونأخذ على سبيل المثال، خوض الجنود الجزائريين حربين ضد إسرائيل، كما أرسلت الجزائر وحدات عسكرية في كل من كمبوديا وأنغولا والكونغو في إطار مهام حفظ السلام الأممية، أما في سنة 1976، فقد أرسلت الجزائر، وحدة مكونة من 400 عسكري إلى جانب القوّات السورية في لبنان لوقف إطلاق النار، على حدّ تعبيره.
“إنّ الظروف السياسية والأمنية بداية من التسعينات جعلت الجيش الجزائري منشغلًا في مواجهة الأوضاع الداخلية، مشيرًا إلى أنه بداية من 2011 ومع التطوّرات الإقليمية الحاصلة، تغيرت الأوضاع بشكلٍ جذري سواءً في ليبيا، الساحل والقرن الأفريقي، أو العراق وسوريا واليمن“.
محمد بن زيان