الثقافيحواراتغير مصنفمتفرقات

 “رفيق بوريش” ل”الديوان”:   “هدفنا تشجيع الفئات الهشة على الإندماج في المجتمع”

في وقت يعمل المجتمع المدني على تقديم يد العون للمحتاجين، يسعى متطوعون في المجال الخيري لتقديم أفكار ومشاريع تسمح لتلك الفئات الهشة والمحتاجة بالاندماج من جديد في المجتمع والتحول من خانة الحاجة إلى خانة العطاء وتقديم الإضافة للمجتمع.

وفي هذا الإطار، التقت جريدة “الديوان”، “رفيق بوريش” الشاب الذي يقضي كل أوقات فراغه في تقديم المساعدة للمحتاجين، وهو في نفس الوقت فنان تشكيلي محب لمداعبة الريشة والألوان .

 

فكان هذا الحوار:

 

 

 

 

بالنسبة لك، هل التطوع واجب أم إشباع رغبة؟

أهلا، العمل التطوعي أو الخيري بالنسبة لي هو نشاط مقدس، لأنه ينشر الفرحة والسعادة لدى المحتاج الذي تلقى المساعدة، ويخلق شعورا بالراحة والطمأنينة لدى الشخص المتطوع، وبالتالي هو مثل العلاج النفسي، لأنه يهذب النفس، فهو ينشء رغبة ملحة لدى القائم به للعمل على القيام بأعمال خيرية من أجل رؤية البسمة على مُحَيا الآخرين. ولا يتوقف الأمر على مساعدة الأشخاص، بل يتعداها إلى الخدمات المجانية التي نقوم بها من أجل تحسين المحيط وحماية البيئة وتطوير المجتمع، لأنه بمثابة رد فعل على ما نحصل عليه في مجتمعنا، إذا كنا ندرس ونعمل ونحصل على راتب شهري، فإننا ملزمون بشكر هذا المجتمع من خلال خدمات مجانية تكون قيمة مضافة له ومن خلاله بلدنا وننعش نحن أنفسنا عبر نشاطات تجعلنا نحتك بفضاءات وأشخاص ونكون فاعلين وفعالين، مما يساعدني على التوازن الذاتي وتعزيز أواصر التقارب عبر التعاون، التضامن والتكافل….

 

كيف بدأت علاقتك مع العمل التطوعي؟

يعود الفضل في ذلك إلى والدتي الكريمة، التي ربتنا منذ الصغر على تقديم المساعدة لكل من يحتاجها، وقد كانت تحضر أشخاصا ينتمون إلى الفئات الهشة (البنات المسعفات)، لتمضية أوقات الأعياد والمناسبات كالعطل معنا بالبيت، وبالتالي اندمجنا كأطفال في هذا الجو، وأصبح وقت فراغي كله لهذه الفئات في البداية. فقد كنت أمضي كل وقتي للاهتمام وتقديم الإضافة للفئات الهشة المتواجدة بالمراكز التابعة لمديرية النشاط الاجتماعي بولاية وهران (دور المسنين، مراكز الطفولة المسعفة والفتيات المسعفات, ذوي الهموم…)، ولم يقتصر الاهتمام على تقديم الألبسة وتنظيم رحلات الاستجمام، بل تعداها بفضل منح أصدقائي المحسنين إلى تهيئة وإعادة ترميم فضاءات نزلهم، على غرار تهيئة مساحة لعب للأطفال، إنشاء حمامات للفتيات المسعفات و الرجال المسنين…. .

 

 

 

يبدو أن نظرتك للعمل التطوعي تحمل نوعا من التميز، هل يمكنكم توضيح ذلك؟

 

كما أخبرتكم سابقا، العمل التطوعي في نظري عالمه واسع، ورغم الاهتمام الواسع من طرف المؤسسات الرسمية التابعة الدولة و المحسنين ورجال المال والأعمال، إلا أنه لا يمكن القضاء نهائيا على الفقر، ولا الحد من التسول وضع حد للحاجة، وهو ما جعلني أتخذ منهجا آخر يسمح لي بتوسيع العمل التطوعي الذي نقوم به رفقة فريقي المتطوع، على غرار عدم الاكتفاء بتقديم الألبسة والغذاء والتكفل المادي بالعائلات المحتاجة والفئات الهشة، بل التوجه لتوفير تكوينات وتربصات خاصة لهم بالتعاون مع مراكز التكوين المهنية ومعاهد متخصصة، حتى يتمكنوا من الحصول على شهادات تسمح لهم بولوج عالم الشغل والانطلاق في توفير مداخيل تسمح لهم بالتكفل بأنفسهم وتنقذهم من الشارع ومد اليد، والأهم أن الشباب نزلاء المراكز التابعة لمديرية النشاط الاجتماعي يستطيعون الإندماج في المجتمع وبناء أسر.

 

في إطار التكفل بالعائلات المحتاجة، أين وصل مشروع “البنك الغذائي”؟

 

   نحن نؤسس لجمعية أطلقنا عليها اسم “الإيثار”، حتى يكون مشروعنا محميا قانونيا ويمكننا تجسيده بمشاركة الجميع، خاصة وأنه سيكون مشروعا نموذجيا إذا تحقق على أرض الواقع، فهو سيكون عبارة عن فضاء يتكفل بالمواد الغذائية، يخصص للعائلات المحتاجة بعد إحصائها وضبط قائمتها، من أجل ضمان تسيير محكم له، وفق برنامج توزيع سيكون مدروسا بناء على مدى توفر المواد الاستهلاكية وطرق توفيرها.

المشروع سيسمح للعائلات المحتاجة الحصول على المواد الغذائية بطريقة محترمة دون تعرضها للإحراج خاصة أمام أطفالها، لأن طريقة منح ما يعرف بالقفة أو كبش العبد أمام الأطفال يخلق نوعا من الإحراج للعائلات ويترك أثرا نفسيا سلبيا لدى الطفل.

 

في جانب آخر، حدثنا عن “رفيق” الفنان العصامي وعلاقته مع الألوان؟

 

 

 كما قلتم، لقد بدأت مداعبة الريشة والتلاعب بالألوان منذ صغري، وقد كنت أحصل على نتائج جيدة في مجال الرسم، كما أنني رغبت في الالتحاق بمدرسة الفنون الجميلة عندما كنت أدرس بالجامعة، لكنني تخليت عن الفكرة، لأنني لا أريد وضع حدود أو قيود لفكرتي حينما أحمل الألوان وأتجه إلى لوحتي. فأنا أعتبر لحظات تجسيد أفكاري عبر الألوان خاصة جدا، لأنني وقتها أنفذ رغبة تجتاحني وليس تعبير عن حادث أو أمر حل بي، سواء في النهار أو الليل.

 

 

 

لماذا اخترت الفن التجريدي؟

أنا شخص أبحث عن الحرية، وأرفض القيود، والفن التجريدي من أقرب الفنون التشكيلية إلى شخصيتي، فهو يمنحني فرصة التعبير عن رغبة بكل تلقائية وعفوية، بينما يمنح الحرية للمشاهد أو المتلقي بتفسير تلك الألوان وحركاتها حسبما يراه ويعبر عنها وفق الزاوية التي يراها منها، فقد تكون لوحة واحدة ولكن بقراءات متعددة، حسب كل شخص وما تعنيه له تلك الألوان على اللوحة.

 

 

هل هناك فترات أو مواقيت محددة لحملك الريشة؟

 

كما قلت سابقا، مداعبتي للألوان ترتبط بالرغبة التي تجتاحني، قد أنطلق في تشكيل لوحة، لكن تلك الرغبة تتلاشى، فأتركها دون أن أكملها، وقد أشرع في تجسيد أخرى لأن رغبة مغايرة اجتاحتني.

لكن أهم فترة جيدا فيها رغباتي، هي فترة جائحة كورونا، فقد استغليت معظم الوقت خلال الحجر الصحي الذي إستمر عامين (2020-2022)، لإنشاء لوحات سمحت لي بتنظيم معارض مهمة، ولعل أهمها ذلك المعرض الذي نظمته بمركز الأبحاث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية (الكراسك)، وهو ما منحني الفرصة لأحظى بشرف تصدر بعض لوحاتي لأغلفة الكتب التي تصدرها هذه المؤسسة.

 

هل من كلمة أخيرة؟

يجب العمل على عرس ثقافة التطوع لدى الأجيال منذ الصغر، عبر تأطيرهم والتكفل بهم في المدرسة والبيت، لأن التطوع يزيد من الارتباط بالوطن وتوحد المجتمع وبناء أمة ناضجة وصحية.

كما أشكركم على منحي هذه المساحة من جريدتكم للتحدث عما يجول في خاطري ويحتاج لمساهمة الجميع دون استثناء.

شكرا.

 

 

حاوره:   ك/ل

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق