
أكد رئيس الجمهورية, القائد الأعلى للقوات المسلحة, وزير الدفاع الوطني, السيد عبد المجيد تبون, أن الجزائر ستدخل سنة 2026 مرحلة العصرنة الالكترونية الكاملة للبلاد وكذا للجيش الوطني الشعبي.
وفي صفحة خاصة حول زيارته, الخميس, إلى مقر وزارة الدفاع الوطني, بثها التلفزيون الجزائري مساء أمس الجمعة, أعلن رئيس الجمهورية في خطاب ألقاه أمام إطارات ومستخدمي الجيش الوطني الشعبي أن “الجزائر ستدخل سنة 2026 في عصرنة الكترونية كاملة للبلاد وكذا للجيش الوطني الشعبي, من أجل تعزيز قدراته الدفاعية“.
واعتبر رئيس الجمهورية أن “القوة الاقتصادية والقوة العسكرية متلازمتان” وأن “الدولة التي تريد صون سيادتها واستقلالية مواقفها يجب أن يكون لها اقتصاد قوي وجيش قوي“.
وفي ذات السياق, أشاد رئيس الجمهورية بالجهود التي تبذلها المؤسسة العسكرية, كما ثمن عاليا “تضحيات واحترافية القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي في أداء مهامها السامية دفاعا عن وطننا وسيادته وحرمة ترابه“.
وأضاف أن هذه الجهود ساهمت في “قطع أشواط معتبرة على مسار بناء الجزائر الجديدة المنتصرة والسير بخطى ثابتة وواثقة على طريق تعزيز موجبات الارتقاء الاستراتيجي لبلادنا بكل ما يتطلبه ذلك من تفاني وإخلاص وتضحية من قبل أبناء الجزائر البررة, الذين سيبقون إلى أبد الدهر أوفياء لرسالة أسلافنا الميامين ولن يدخروا أي جهد من أجل تحقيق حلم شهدائنا الأبرار, شهداء المقاومات الشعبية وشهداء ثورتنا التحريرية المظفرة وشهداء الواجب الوطني الذين حافظوا على الدولة الجزائرية وطابعها الجمهوري“.
وفي هذا الإطار, نوه رئيس الجمهورية بالإنجازات التي تحققها الجزائر وتبعث على الفخر والاعتزاز على كافة الأصعدة والمجالات, مشيدا ب”النجاح الباهر” للطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية الذي احتضنته الجزائر مؤخرا.
واعتبر أنه خلال هذه التظاهرة “تجسد مسعى الجزائر الصادق للمساهمة في تحقيق تكامل اقتصادي قوي للقارة الإفريقية“.
من ناحية أخرى, أشاد رئيس الجمهورية بمدى “الاحترافية التي بلغها الجيش الوطني الشعبي والمكانة الدولية التي يحظى بها”, مبرزا أن “الجيش أصبح مهاب الجانب لأنه تأقلم مع الحروب الهجينة والحروب السيبرانية ومع الذكاء الاصطناعي, وأصبح اليوم مدرسة عليا للوطنية والدفاع الشرس عن حريتنا وحرمة التراب الوطني وعن الوفاء لرسالة أول نوفمبر 1954“.
وفي المنحى ذاته, تطرق رئيس الجمهورية إلى الدور الكبير الذي يؤديه الجيش الوطني الشعبي من خلال الصناعة العسكرية في دفع عجلة التنمية, ما جعله محط إعجاب قادة عدة دول إفريقية زارت الجزائر.
كما شدد رئيس الجمهورية على أن “الأمن والاستقرار اللذان تنعم بهما الجزائر واللذان هما على عاتق الجيش الوطني الشعبي وقوات الأمن, ساهما في تعزيز الجاذبية الاقتصادية وجلب المستثمرين الوطنيين والأجانب“.
وعلى صعيد آخر, أعلن رئيس الجمهورية أن “17 ألف مشروع استثماري يتواجد حاليا على طاولة الشباك الموحد” الذي وصفه ب “العدو اللدود للرشوة والبيروقراطية”, مشيرا إلى أن الاقتصاد الوطني أصبح محل ثناء المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية, سيما وأنه حقق أكبر نسبة نمو في البحر الأبيض المتوسط.
وقال في هذا الصدد “الاقتصاد الجزائري ورغم التكهنات السلبية, ارتفع تصنيفه من قبل البنك العالمي, وأصبح ثالث اقتصاد في إفريقيا”, مؤكدا, على سبيل المثال, ان الجزائر ستصبح على المدى القريب دولة منتجة للفوسفاط بمعدل إنتاج 10 ملايين طن سنويا.
وفي هذا السياق, ذكر رئيس الجمهورية بالتزامه بتعزيز قدرات الصناعة الوطنية ورفع نسبة مشاركتها في الدخل القومي إلى 13 بالمائة على الأقل, مضيفا أن التنمية اليوم أصبحت تمس المواطن مباشرة, سيما الشباب.
وجدد رئيس الجمهورية حرصه على ترقية دور الشباب في تسيير الشأن العام وإسهامه في ترقية الاقتصاد الوطني من خلال تشجيع إنشاء المؤسسات الناشئة والوصول إلى “إنشاء 20 ألف مؤسسة ناشئة“.
في سياق ذي صلة, ثمن رئيس الجمهورية الدور الذي يؤديه الجيش الوطني الشعبي ومختلف المؤسسات الأمنية في التصدي لآفة المخدرات التي “أصبحت تستهدف البناء الاجتماعي, خاصة الشباب”, من خلال “محاولة إغراق الجزائر بالمخدرات من أجل القضاء على مستقبل البلاد وركيزتها الأساسية المتمثلة في شبابها“.
ولدى استشرافه لمستقبل البلاد على ضوء التوقعات التي تشير الى وصول عدد السكان إلى 50 مليون نسمة في غضون الثلاث سنوات المقبلة, أبرز رئيس الجمهورية ضرورة خلق ثروات جديدة ودعم الاستقرار الوطني ومواصلة السعي لتحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي في المواد الأساسية وتوفير السكن ومناصب الشغل.
وفي ذات الإطار, أكد رئيس الجمهورية أن الدولة لن تتخلى عن طابعها الاجتماعي رغم الانعكاسات المالية المتزايدة, وستعمل على تحسين القدرة الشرائية للمواطنين من خلال زيادات جديدة في الأجور وبعض المنح.
وأضاف من جهة أخرى أن “الدولة لن تتوقف عن محاربة الفساد” و”استرجاع العقار المنهوب في زمن العصابة”, كاشفا أنها تمكنت من استرجاع حوالي “30 مليار دولار” من الأموال والعقارات المنهوبة.
ضرورة التحلي بأعلى درجات الوعي والتجند خدمة لمصالح الوطن
ولدى تطرقه إلى الشأن الدولي, اعتبر رئيس الجمهورية أن “التحولات المتسارعة التي تشهدها الساحتان الدولية والإقليمية, تفرض علينا أكثر من أي وقت مضى, أن نجدد العزم على رفع التحديات وكسب الرهانات من خلال التحلي بأعلى درجات الوعي والتجند خدمة للمصالح العليا للوطن“.
وجدد رئيس الجمهورية التأكيد على أن الحدود الوطنية مؤمنة بفضل قوة ويقظة الجيش الوطني الشعبي.
وقال في هذا الشأن : “الجزائر لم تصل إلى نقطة اللارجوع بالنسبة لعلاقتها مع بعض دول الساحل”, مبرزا أهمية “الوعي وصون الجوار والأخذ بعين الاعتبار علاقات التعاون التاريخية“.
أما بالنسبة للوضع في ليبيا, فقد جدد رئيس الجمهورية التأكيد على أن الجزائر لا تتدخل في الشأن الداخلي الليبي ولا أطماع لها في هذا البلد الشقيق, داعيا إلى التمسك بالوحدة الوطنية الليبية من خلال تنظيم الانتخابات.
من جهة أخرى, قال رئيس الجمهورية أن القضية الفلسطينية “وجدت لأول مرة, مدافعا شرسا في مجلس الأمن, بفضل المواقف المشرفة للجزائر”, والتي تستدعي استقلالية سياسية واقتصادية.
وأعرب في هذا الاطار عن أمله في تجسيد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة من أجل وقف الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني, مذكرا بأن الحل الوحيد للقضية الفلسطينية يتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية في حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف.
وبخصوص قضية الصحراء الغربية, أعرب رئيس الجمهورية عن أمله في أن يجد هذا الملف الحل على مستوى منظمة الأمم المتحدة وأن يظفر الشعب الصحراوي بحقه في تقرير المصير, مشددا على أن الجزائر لن تتخلى عن الشعب الصحراوي.
وأشار رئيس الجمهورية إلى أن العلاقات مع الشقيقة تونس في أحسن ما يرام, معربا عن ثقته في تمكنها من الخروج من الظرف الاقتصادي الذي تمر به حاليا.
وأشاد بمستوى العلاقات الثنائية الجيدة التي تقيمها الجزائر مع دول الخليج, “ما عدا دولة وحيدة”, مؤكدا أن “الجزائر ترفض تدخل أي دولة في شؤونها الداخلية“.
ق/ح