باشرت الجمعيات النشيطة بمنطقة بني سنوس بتلمسان وبالتنسيق مع المحافظة السامية للامازيغية بقيادة الهاشمي عصاد تحضيرات واسعة للاحتفال بتظاهرة “يناير 2972” أو ما يعرف لديها بموسم ايراد ضمن هذا التراث القديم الذي يميز قبائل هذه المنطقة التي تضرب في جدور التاريخ الامازيغي القديم بالمنطقة وكانت البداية هذه السنة بالعمل على إحياء مأثر التراث الامازيغي.
هذا وقد باشرت الجمعيات النشيطة بتلمسان عموما و منطقة بني سنوس على الخصوص تحضيرات واسعة للاحتفال بتظاهرة “يناير 2972” او ما يعرف لديها بموسم ايراد ضمن هذا التراث القديم الذي يميز قبائل هذه المنطقة التي تضرب في جدور التاريخ الامازيغي القديم بالمنطقة على غرار مناطق اولاد موسى وبني عشير والتي لعب دورا فعالا في الحفاظ على هذا الموروث الثقافي الذي يميز المنطقة دون غيرها حيث سبق وان قدمت سنة 2015 هذه القبائل طلبا رسميا الى السلطات العليا للبلاد واخر الى المحافظة السامية للثقافة العالمية من اجل تدويل نشاطات الاحتفال برأس السنة الامازيغية المعروف لدى قبائل بي سنوس بايراد الذي يرمز الى الاسد والقوة والباس وهو القرار الذي قد يتحقق قريبا خاصة وانه سبق وان تم برمجت الاحتفالات السنوية بهذا الموروث في بني سنوس بحضور وزير الشباب والرياضة الأسبق سنة 2017 واليوم تسعى الجمعيات بدعم من المحافظة السامية للامازيغية لدفع هذا التراث نحو العالمية بعدما نجحت في تحويله الى يوم وطني .
وتعيش منطقة بني سنوس 40 كلم جنوب غرب تلمسان على وقع استعدادات واسعة لتنظيم احتفالات “أيراد” التي تصادف هذا العام السنة الامازيغية الـ 2972 ، حيث تسعى الجمعيات الناشطة بالمنطقة وبمبادرة من مديرية الثقافة الاحتفال بهذا اليوم الذي يصاف تاريخ انتصار الملك البربري شنشاق الاول على الرومان بالمنطقة عن طريق اطلاق برنامج منوّع ينطلق صباح 12 جانفي المقبل بكل من قصر المشور وقصر الثقافة عبد الكريم دالي وبني سنوس وتدوم اسبوعا في معرض للعادات والتقاليد، حيث تستقطب هذه التظاهرة كلّ سنة العديد من الزوّار من مختلف أرجاء الوطن للاستمتاع بهذا التراث العريق وعلى رأسه متابعة عروض كرنفال “أيراد” الذي يرمز الى قوة الامازيغ عن طريق تمثيل دور الملك بإيراد الذي يعني في لغة الامازيغ الغضنفر او الاسد الذي يرمز الى القوة والشجاعة ،هذا و تحتفل تلمسان على غرار باقي مناطق الوطن بالعام الأمازيغي الموافق لسنة2971 وذلك باستعادة وإحياء بعض العادات والتقاليد الأصيلة التي لا تزال متجذرة في يومياتنا الجزائرية، ومحاولة تثمينها من خلال العديد من المحاضرات والمعارض وعروض الأفلام، وبالمناسبة خصّصت مديرية الثقافة لتلمسان بصفتها الجهة المنظّمة فضاءات واسعة بقصر المشور وقصر الثقافة للاحتفال بهذا الموعد .ويحتل معرض الطبخ اهتماما كبيرا من الزوّار لأنه يعكس عن قرب العادات المتوارثة خاصة فيما يتعلّق بطبق الكسكسي، وتقديم الفواكه الجافة وجلسات الشاي وغيرها، بحضور المكسّرات والفواكه الجافة والحلويات التي تتحول إلى مواد ضرورية على عكس الأيام العادية، اين لا يمكن الاستغناء عنها، علما أنّ “طبيقة” أو طبق القرقشة يتطلّب وجوبا حضور هذه الحلويات والفواكه بكميات كافية لتزيين مائدة “الناير”، إضافة إلى “البركوكس” و”السفنج”، وتقديم خبيزات صغيرة للأطفال وتوضع وسط كلّ واحدة منها حبّة بيض، حيث يلتف أفراد العائلة حول الطبيقة الكبرى التي زيّنت بمختلف المواد ويبدأ السمر، وتقدّم نصائح للأطفال ليبقوا هادئين خلال أيام “الناير” وإلاّ فإنّ “عجوز الناير” ستزورهم ليلا وتجردّهم من محتوى السليلات الصغيرة، وتبقى منطقة بني سنوس، تحافظ على تميّزها خاصة من خلال إقامة كرنفال “أيراد” الذي تضرب جذوره في أعماق تاريخ هذه المنطقة باعتباره أكبر تظاهرة ثقافية تؤصل بين الفرد والموروث الحضاري الأمازيغي.
هذا ويجسّد الكرنفال عرضا مسرحيا حقيقيا في الهواء الطلق، حيث يتنكّر شباب المنطقة في هيئة أسد ولبؤة وشبل وغيرها من الحيوانات الأخرى التي كانت تعيش بهذه الجهة، ويتجمّعون في ساحة صغيرة حيث تتوسّط الأشخاص المقنّعين امرأة بقناع “لبؤة” لترقص وسط المشاركين ويعمل “أيراد” رفقة معاونيه من “الأشبال” ـ كما تريده الأسطورة ـ على نزع كل الحواجز أمامها بواسطة عصا ليكون المجال أمامها فسيحا، الشيء الذي يرمز إلى الرفاهية والخصوبة، ليتوجّهوا بعدها إلى ضريح الولي الصالح “سيدي أحمد” كمحطة أولى قبل التجوال عبر أزقة القرية، وهم يردّدون الأغاني ويرقصون على إيقاعات البندير في أجواء احتفالية استثنائية، ليعبّروا عن فرحتهم وتطلّعهم لسنة جديدة وموسم فلاحي خصب، كما تطلق في هذه الاحتفالية بعض الأهازيج منها “حنا أصحاب الدارة” أو “شبلالك” أو “ربلالك” ذات الأصل الأمازيغي من المنطقة، ويتوقّفون عند أبواب المنازل لطلب الصدقة التي توزّع في نهاية الاستعراض على الفقراء والمحرومين للإشارة، فإنّ من الطقوس التي مورست بالماضي، دخول الرجال متنكّرين إلى كلّ بيت وكان إلزاما على كلّ عائلة أن تشارك بالتصدّق بمواد غذائية أو فواكه معينة خاصة منها الجافة التي تشتهر بها الناحية منها التين والرمان والزيتون مع تقديم الخبز .ويتم بالمناسبة أيضا، سرد بعض الأساطير الخاصة بهذا التاريخ، تشير إلى أنّ “يناير” كان قد طلب من “فورار” (فيفري) أن يعيره يوما لمعاقبة العجوز التي سخرت منه، فكان أن حلّت في ذلك اليوم عاصفة شديدة اختنقت العجوز على إثرها فأصبح ذلك اليوم في الذاكرة الجماعية رمزا للعقاب الذي قد يحل على كل من تسول له نفسه الاستخفاف بالطبيعة ما يميز حلول السنة الأمازيغية الجديدة هو نفاد المؤونة التي كان يحتفظ بها السكان للشتاء والمسماة بـ “العولة”، لذا يعتبر يناير بمثابة تقييم لحصيلة السنة المنتهية والسنة التي تليها، وفرصة لتجديد العزم من خلال الطقوس للتخلّص من الجوع وفأل النحس وجذب أسباب وفرة المحاصيل الزراعية، هذه العادات التي تميز كافة امازيغ المغرب العربي تأبى الاندثار ورغم اصطدامها بارتفاع الأسعار الا ان القبائل تعمل على تنظيم الكرنفال والترسيخ لثقافة الوحدة الوطنية.
ب .يوسف