تاجر ألبسة نسائية يقود شبكة وطنية بوهران هربت 59 مليار سنتيم وورطت فلاحا ونادلا بمطعم
فصلت محكمة الجنايات الابتدائية لدى مجلس قضاء وهران، مؤخرا ، في اكبر قضية تزوير في محررات مصرفية التي تسببت في التلاعب ب 59مليار سنتيم ، حيث حولت اموال التي تم تهريبها الى شركات وهمية، اذ تمت متابعة 10 متهمين من بينهم 3 في حالة فرار، يترأسها تاجر الالبسة نسائية .
حيث التشكيلة القضائية أحكاما بالسجن النافذ تراوحت بين 15 سنة بالنسبة للمتهمين الفارين و5 سنوات بالنسبة لثلاثة متهمين، منهم مهندس عديد المعاملات البنكية المشبوهة، التي تسببت في تحويل أموال بعشرات الملايير إلى حسابات شركات استيراد وهمية، فيما أدانت إطارات بنكية لها علاقة بملف الحال بعقوبات تمثلت في غرامات مالية قدرها 50 مليون سنتيم لكل متهم.
وقائع ملف قضية الحال التي تم تكيفها على اساس جناية تكوين جمعية أشرار وجنح التزوير في محررات تجارية وأخرى مصرفية واستعمال المزور، التي انطلقت في 20جويلية 2015، عقب ايقاع بالمتهمين وعلى راسهم الرئيسي المدعو د.- م، وهو تاجر ألبسة نسائية، ضبط في مسكنه بعد تفتيشه ما قيمته 5 ملايير ونصف مليار سنتيم من الذهب، إلى جانب عقود توثيقية محررة باسمه وباسم زوجته لسلسلة من العقارات السكنية والتجارية، حيث تمت الوشاية به من طرف شريكيه ق- ح و ب- ع، اللذين صرحا أمام الضبطية القضائية أنهما كانا يعملان تحت إمرته من خلال المدعو س- ح ، وهو صاحب متجر أجهزة كهرومنزلية بالمحمدية في معسكر، والذي كان يلعب دور الوسيط ويتعامل معهما بشكل مباشر لصالح المتهم الرئيسي، فيما جاءت متابعة إطارات تعمل بالبنك بناء على معطيات تشير إلى وجود معاملات وعلاقات محل شبهة بالمدعو س- ح و د-م.
وذلك عقب التفطن على مستوى وكالة محلية لبنك في كل من ولاية وهران ومستغانم إلى وجود فائض في القيم المالية لصفقات استيراد ألبسة وأجهزة كهرومنزلية متكررة من الخارج لصالح شركات تحمل نفس الترقيم التجاري وعنوان المقر الاجتماعي بمنطقة بطيوة وفي غياب أي تصريحات جمركية تثبت استلام أصحابها للبضائع التي تم على أساسها مباشرة عمليات التوطين البنكي لصالحها، وبعد تدقيق الحسابات في الموضوع، تبين أن الأمر يتعلق بـ29 عملية مشبوهة ظلت تتم على نفس المنوال منذ سنة 2012 إلى غاية شهر جويلية من عام 2014، ليصل إجمالي المبالغ المالية المحولة في الواقع لصالح عملاء ظل كانوا ينشطون تحت غطاء مؤسسات استيراد يسيرها أشخاص آخرون على الورق إلى 59 مليار سنتيم، والغريب في الأمر أن كل معاملة بنكية مما سلف ذكرها كانت تجري طيلة تلك الفترة، وفي كل مرة، بسلاسة رغم عدم تصفية أصحابها التوطينات السابقة وتطهير تراكمات الحسابات البنكية العالقة لما قبلها.
وخلال سلسلة استجوابات التي دارت في قاعة المحاكمة تم الكشف عن تفاصيل جديدة تثبت تورط المتهم الرئيسي رفقة المتهمين الفارين في تأسيس 4 شركات استيراد بسجلات تجارية مسجلة بأسماء مستعارة، وهو المشروع الذي استدرجوا لأجله فلاحا ونادل مطعم ينحدران من ولاية معسكر لتنفيذ خطتهم في تحصيل مكاسب مالية ضخمة تحت غطاء ممارسة التجارة الخارجية من خلاله، حيث عرضوا عليهما فكرة إشراكهما فيه على الورق، فيما تقع أعباء التمويل المالي كلها على عاتقهم، في مقابل تسليمهما عمولات عن كل صفقة استيراد، ليتحول الفلاح والنادل بعد الموافقة إلى مسيري شركات، لكن بمهام تقتصر فقط على البصم والتوقيع على الفواتير والمحررات التجارية والمصرفية المنسوبة إليهما بموجب السجلات التجارية المقيدة باسميهما، والتي اتضح أيضا أن جميع الملفات القاعدية الخاصة بها كانت مزورة، كما أنه بحكم أن الأخيرين مستواهما الثقافي والدراسي محدود جدا، فإن جميع المعاملات التي كان يتعين عليهما إجراؤها في التسيير الصوري لتلك الشركات إداريا وماليا، كانت تتم في حضور وتوجيه من المتهم الفار س-ح، الذي كان يحظى أيضا باستقبال مميز عند مرافقته أي من المسيرين المذكورين على مستوى فروع بنك الخليج من قبل بعض الموظفين فيه.
وقد حاول كافة المتهمين أثناء المناقشة التنصل من مسؤولية الأفعال المنسوبة إليهم أو التخفيف منها، على غرار المدعو د-م الذي برر مصدر ممتلكاته المضبوطة بكونه تاجرا متمرسا كان رقم أعماله التجاري في التسعينات يقدر بـ9 ملايير سنتيم في تجارته وعائلته تملك مزارع زيتون نافيا معرفته بباقي المتهمين، فيما اعتبر ق- ح وب-ع نفسيهما ضحيتي جهل وطمع عندما وقعا على مستندات تجارية ومصرفية لم يكونا يدركان حجم الضرر الناجم عنهما، ولا الخطة الكاملة لمن استغلاهما فيها، في حين أجمع موظفو البنك على صلاحية مراقبة الاختلالات التي تسببت في المعاملات البنكية المشبوهة لصالح المتهمين الرئيسيين تعود للإدارة المركزية للبنك، التي كانت تتلقى كامل الحسابات والإحصاءات عن نشاط الوكالات المحلية بانتظام، كما نسبوا إليها سلطة تقديم الموافقة على طلبات العملاء سواء في الشق المتعلق والمبالغ الضخمة الخاصة بالتوطينات البنكية أو المصادقة على الملفات الإدارية التي تخضع لمراقبتها النهائية، لكن النيابة العامة لم تقتنع بتبريرات المتهمين، لتلتمس معاقبة المتهم الرئيسي بـ20 سنة سجنا نافذا و7 سنوات في حق باقي المتهمين.
بورحيم حسين