“الجامع الأعظم”.. “جولة روحانية” لوزراء خارجية جوار ليبيا بالجزائر
ضخت الخارجية الجزائرية “طاقة روحانية” لدى وزراء خارجية دول جوار ليبيا، الثلاثاء، بزيارة إلى الجامع الأعظم الذي يعد من أكبر المساجد على مستوى العالم.
زيارة قام بها وزير الخارجية رمطان لعمامرة ورافقه خلالها نظراؤه في كل من: مصر وتونس وليبيا والسودان وتشاد ومالي، إضافة إلى الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط.
والجامع الأعظم له مكانة خاصة وتاريخية في قلوب الجزائريين باعتباره رمزا على مقاومة حقبة الاستعمار الفرنسي ومكافحة الفكر المتطرف.
وجرى افتتاح المسجد في العام 2020؛ حيث بلغت تكلفته نحو 3 مليارات دولار، ومدة أشغال وصلت إلى 6 أعوام.
زيارة المسجد جاءت على هامش اجتماع مجموعة دول جوار ليبيا التي انطلقت الإثنين لبحث سبل إجراء الانتخابات في موعدها نهاية العام الحالي وتذليل العقبات أمام الفرقاء الليبيين.
منارة محاربة التطرف
وبات جامع الجزائر الأعظم أحد أبرز معالم الجزائر الدينية والسياحية إلى جانب “مقام الشهيد”، وتم إدراجه في بروتوكول زيارات الوفود العربية والإسلامية.
الجامع هو ثالث أكبر مسجد في العالم؛ حيث سيكون “قلعة للوسطية والاعتدال ومحاربة التطرف الديني، في المنطقة العربية والإسلامية والقارة الإفريقية ومنطقة المتوسط“.
والعام الماضي، أعطى الرئيس عبدالمجيد تبون تعليمات صارمة بتكييف خطاب ومناهج ودروس المسجد الأعظم مع مقاربة الدولة في حربها على الإرهاب.
ويقع مسجد الجزائر الأعظم بالربوة الحمراء في حي المحمدية قبالة خليج العاصمة، حيث يطل هذا الصرح الديني والثقافي والمعماري بشكل عملاق.
والجامع يجمع بين الأصالة والحداثة، ويُبرز الثقافة الإسلامية والهوية الجزائرية ويضم أطول مئذنة في العالم بارتفاع يقدر بـ 300 متر، بها 43 طابِقا، وقُبة عملاقة قطرها 50 مترا وارتفاعها 70 مترا محمولة على أعمدة وصل عددها إلى 680 عمودا،
وبداخله أكبر ثريا في العالم قطرها 13 مترا، وتبلغ المساحة المبنية للجامع 377 ألف متر مربع، ويضم الجامع 12 قاعة ضخمة.
كما تتسع قاعة المسجد الرئيسية لـ120 ألف مصل؛ إذ يمكن للمصلين الوصول إلى المسجد بالسيارات أو الترام أو حتى بالقوارب لقربه من البحر.
ويحتوي المسجد الأعظم بالجزائر أيضا على قاعة وضوء مخصصة للرجال وأخرى للنساء، وخزان مياه يسع 16 ألف لتر.
أما باحة المسجد فهي امتداد لقاعة الصلاة بمساحة 20 ألف متر مربع، بها قاعة للمطالعة.
علاوة على 3 طوابق تحت الأرض مخصصة لأكثر من ستة آلاف سيارة، وقاعتين للمحاضرات والمؤتمرات مساحتهما 16 ألف و100 متر مربع، وكذلك مكتبةٍ من ألفي مقعد وتضم مليون كتاب.
والجامع الأعظم نواةً لمجمع ثقافي يضم 25 واجهة، ومركب يضم دارا للقرآن الكريم ومعهدا عالياً للدراسات الإسلامية يستوعب ثلاثة آلاف طالب، ومكتبة تتسع لألفي شخص، ومدرسة لتعليم القرآن الكريم وعلومه، إضافة إلى مجموعة من الحدائق والمائيات والأبنية الإدارية ومساكن للموظفين، ومركزا صحياً.
وساهم في إعداد مشروع مسجد الجزائر الأعظم نحو ألف خبير من مجموعة ألمانية معمارية، فيما أشرف على إنجازه شركة صينية.
ملجأ من الكوارث
وجامع الجزائر الأعظم ليس مجرد مكان للصلاة فقط، فإلى جانب تخصيصه مركزا كبيرا للبحث العلمي، فإنه يمكن لهذا المسجد أن يتحول إلى ملجأ كبير في حال الكوارث خاصة الزلازل منها، حيث سيكون بنائه مضادا للزلازل، مما سيجعله تحفة تتحدى الزمن والكوارث الطبيعية.
وبحسب وكالة الأنباء الجزائرية فإن التقنيات المستخدمة في بناء الجامع استعملت لأول مرة في الجزائر، إذ تجعل منه بناء مضادا للزلازل بامتياز.
ففي حال حصول زلزال بشدة 9 درجات على درجة ريختر فإنه يصل إلى قاعة الصلاة بشدة 3 درجات فقط.
مصدر للطاقة
كما حرص القائمون على هذا المشروع على وضع نظام كهربائي يخفف من الأعباء المالية للخزينة العمومية، إذ تقرر الاستعانة بالغاز لإنتاج الكهرباء وبالطاقتين الشمسية والهوائية لتوليده، مع العمل على ضمان تمويل طاقوي ذاتي للجامع.
وتقرر أن يُقسَم المشروع من الناحية الكهربائية إلى مجموعة من المراكز، ولكل مركز مُولده الخاص، ومن هنا، وبالنظر إلى تفاوت حجم استهلاك الكهرباء زمنيا، فسيكون جامع الجزائر الأعظم مؤهلا في بعض الفترات لإنتاج فائض من التيار الكهربائي.
فائض ستقوم الوكالة المشرفة على المشروع ببيعه للشركة الوطنية للكهرباء والغاز، وفق اتفاق موقع بين الطرفين.
قصة احتلال
شُيد جامع الجزائر الأعظم في منطقة “المُحمدية”، وهي المنطقة التي كانت تسمى “لافيجري” إبان الاحتلال الفرنسي، نسبة إلى “الكاردينال شارل مارسيال ألمان لافيجري” الذي عينته السلطات الاستعمارية كبير الأساقفة سنة 1867.
واهتم “لافيجري” بالتبشير عبر تأسيس “جمعية المبشرين” بالجزائر التي عرفت باسم “الآباء البيض”، وأسس كذلك جمعية أخرى سماها “جمعية الأخوات البيضاوات“.
ومن هنا كانت المحمدية “معقل التبشير” في الجزائر وعموم أفريقيا، لكن هذه المنطقة سميت بعد استقلال الجزائر المحمدية نسبة إلى خير الأنام محمد صل الله عليه وسلم.
وقررت الجزائر “محو” ذاكرة تحويل منطقة المحمدية من قبل الاحتلال الفرنسي إلى “عاصمة أفريقية للتبشير“.
ق/ث