البناء الذكي في الجزائر: ممارسة متنامية بفعالية طاقوية أفضل
أضحى البناء الذكي في الجزائر، ممارسة متنامية تشي بفعالية طاقوية أفضل من خلال ما صار متاحاً على صعيد الإدارة الطاقوية للمساكن وسائر المرافق.
في هذا الصدد، أكد المدير العام لشركة شنايدر الجزائر، أنور شارة، وجود “مراجع جيدة في مجال البناءات الذكية في الجزائر”، محيلاً على أنّ المعدّات والبرمجيات الخاصة بالبناءات الذكية متوفرة اليوم في عدّة منشآت عبر الجزائر، ويتم اعتمادها بشكل متزايد، مشيراً إلى عدد من المستشفيات والملاعب والمصانع ومحطات تحلية مياه البحر وشبكات النقل بالسكك الحديدية والمطارات.
ونوّه شارة إلى ملعب “نيلسون مانديلا” بضاحية براقي شرقي العاصمة، المجهّز بالحلول الرقمية الأكثر تطوراً، والتي تفوق حتى تلك الموجودة بملاعب بعض لبلدان الأوروبية في مجال الرقمنة”.
وأضاف أنّ هذا الملعب يحتوي على حوالي 300 جهازاً متصلاً، مما يسمح للمستخدم على مستوى قاعة المراقبة بالحصول على رؤية أوسع في الوقت الحقيقي.
واستدلّ شارة أيضاً بجامع الجزائر وأنفاق الطريق السيار شرق-غرب، ومنشآت أخرى تم تزويدها بحلول متقدمة في مجال الرقمنة و الاستدامة، علماً أنّ البناء الذكي يعنى بإدماج الحلول المبتكرة سيما التقنيات الجديدة لإنتاج الطاقة، ونظم التدفئة والتكييف وتطوير أداءات أنظمة التهوية والاختيار الأكثر مراعاة لموقع البناء من حيث أرضية التشييد والتوجيه.
نموذج واعد
يقترح مهنيون نموذج السكنات الذكية التي يتم تغليفها بصفائح كهرو ضوئية مولّدة عن طريق الطاقتين الحرارية والشمسية، بما يزوّد قاطنيها بالكهرباء بمستوى عال من الأمان وبأقل التكاليف على نحو ذكي ومقتصد، علما أنّ إنتاج 200 ميغا من الكهرباء دورياً، يستجيب لمتطلبات مليون شخص بجميع أنشطتهم واستعمالاتهم المنزلية والصناعية.
ويعدّد سيد علي مخفي الرئيس المدير العام لمجمع صناعي مختص بتصنيع الطاقات المتجددة، مزايا تعميم السكنات الذكية في الجزائر، مشيراً إلى أنّ تزويد هذه السكنات بالطاقة الشمسية، سيمكّن من تسخين المياه وتدفئة المنازل بالطاقة النظيفة وتقليص الاعتماد المفرط على الغاز الملوّث، خصوصا مع كون الطاقة النظيفة موردا غير قابل للنفاذ، ويختزل محدثنا المسألة بقوله: “حانت ساعة مسك الثور من قرنيه”.
بدورها، تدافع فتيحة سحنون الباحثة بمركز تطوير الطاقات المتجددة، عن جدوى السكنات الذكية التي تسهم بمنظورها في خفض استعمال 25 بالمائة من الطاقة الملوّثة، فضلا عن حماية هذه السكنات للنسيج البيئي وإتاحتها فرصة للطبيعة كي تتنفس في بلد ابتلعه ولا يزال هاجس الاسمنت الذي طال المساحات الخضراء.
وتلّح سحنون على ما يترتب عن إلباس السكنات الذكية ثوباً طاقوياً نظيفاً من تحجيم التسربات الغازية، ناهيك عن اقتصاد الطاقة بما يدفع مسار التنمية المستدامة، وفي سياق تجريبي، جرى افتتاح عشرات البنايات المزوّدة بالصفائح الشمسية بضاحية السويدانية غربي الجزائر العاصمة.
ويمكن للسكنات الذكية، يشرح سيد علي مخفي – أن توظّف الصفائح الكهرو-ضوئية في توليد الطاقة الكهربائية، واسترجاعها بشكل منهجي في تسخين المياه، بدل تركها تتبخر في الهواء، مثلما يمكن للنظام الكهرو-ضوئي أن ينتج 70 بالمائة من المياه الصحية الساخنة للمنازل وسائر البنايات، وبالتالي الحيلولة دون الاستمرار في إهدار مليارات الأمتار المكعبة من المياه خلال سنوات قليلة بكل ما يمثله ذلك من خطر شح مائي في البلاد.
من جانبها، تذهب الخبيرة عائشة عظامو إلى أنّ معطيات المرحلة في الجزائر كما جهات متعددة في سائر ربوع الكوكب الأرضي، تقود إلى حتمية توسيع نطاق السكنات الذكية، بحكم ما تتيحه هذه السكنات المصممة من خدمات وفق أحدث معايير وتكنولوجيات، من فرص الابتعاد عن الإضرار الصناعي بالطبيعة والتوازنات البيئية، ما يجعل من تكريس نمط السكنات الذكية خياراً استعجالياً في ظل الحلول الحاسمة والنوعية التي تقترحها السكنات إياها على سائر قاطنيها.
ولعلّ ما شهدته الجزائر في تاريخها الحديث على الأقل من تباينات وشروخ عراها تفاقم التلوث، لما حوّل عاصمة البلاد من بيضاء إلى كالحة، يقود حتما ليس إلى تحوير السياسات العمرانية المنتهجة، بل وإخضاع هذه السياسات إلى روح اقتصاد الطاقة، وترسيخها كممارسة دائمة.
ويرشح خبراء، الجزائر كي تأخذ دوراً طلائعياً كمموّن كبير للكهرباء الخضراء نحو الأسواق الأوروبية، نظرا لامتلاكها أكبر نسبة تشميس سنوية في العالم بأزيد من ثلاثة آلاف ساعة، وقابليتها لتحقيق تراكمات طاقوية تصل إلى ألفي كيلو واط ساعة للمتر المربع الواحد، إضافة إلى كنزها من المياه الجوفية التي يربو وعاؤها الإجمالي عن الثلاثين مليار متر مكعب، وهو مخزون استراتيجي ثمين.