البروفيسور برقان محمد لـ الديوان:”الشعب الجزائري يملك من الوعي ما يؤهله الى تقديم دروس التضحية مرة أخرى”
“إن خطورة هذا الوباء لا تكمن في إرتفاع نسبة الوفيات فحسب بل في سرعة إنتشاره وإرتفاع عدد المصابين“
*الجامعة جزء مهم من حل الأزمة .
نحن مسلمون نؤمن بقضاء الله وقدره وعلينا الاخذ بأسباب النجاة والتوكل على الله لمواجهته
الحجر الصحي إجراءا حكيما وأفضل الحلول الوقائية للحد من إنتشار هذه الجائحة
ضعف تدفق الانترنيت في بعض المناطق النائية العائق الوحيد أمام سيرورة العملية العلمية والبيداغوجية بالجامعات.
حاورته :لطيفة عبادة
الديوان :شكرا لك استاذي الكريم على قبول الدعوة، في البداية كيف ترون الطارئ الصحي المستجد بالبلاد و الاجراءات الاحترازية المواكبة له ؟
برقان : أشكركم جزيل الشكر على منحي هذه الفرصة للحديث عن هذه الجائحة ، وقبل البدء بالاجابة عن السؤال ، أريد أن أؤكد بأن وباء كورونا المستجد او covid 19 هو في النهاية إبتلاء رباني لا يستدعي الجزع إلى درجة الخوف الهستيري فنحن مسلمون نؤمن بقضاء الله وقدره وعلينا الأخذ بأسباب النجاة والتوكل على الله لمواجهته.
بالنسبة للإجراءات الإحترازية المتخذة، فأعتقد أن كل دول العالم أيقنت ان الوباء لا علاج له وأن الوقاية هي السبيل الوحيد للحيلولة دون انتشاره ،وردا على الذين قالوا بأن الوباء أقل خطورة من الانفلونزا العادية ، أقول بأن خطورة هذا الوباء لا تكمن في ارتفاع نسبة الوفيات فحسب بل في سرعة انتشاره وارتفاع عدد المصابين ، الذي يخلق صعوبة كبيرة في قدرة المستشفيات على استيعاب أعداد كبيرة من المصابين وبخاصة الذين يحتاجون الى العناية المركزة لقلة الأسرة الخاصة بالانعاش وكما يقول الخبراء من أهل الاختصاص فإن الأعداد الهائلة من المصابين ترهق الانظمة الصحية لكل بلدان العالم مهما بلغ تطور البلد ،مهما إمتلكت من أسرة للعناية المركزة ولوازمها وخير دليل على ذلك معاناة دول تصنف انظمتها الصحية كأرقى في العالم مثل : ايطاليا ، اسبانيا ، فرنسا والولايات المتحدة فكلها تطلب المساعدة من دول أخرى.
أعود إلى الإجراءات الإحترازية، فأقول بأنها ضرورية وملحة مثل تعطيل الدراسة في الجامعات والمدارس والمراكز التكوينية ، غلق الاسواق والمقاهي والمطاعم ، وتعقيم المؤسسات والساحات العمومية وكل المرافق الحيوية بالإضافة إلى الإجراء الهام وهو وقف الرحلات الجوية وغلق الحدود البرية والبحرية التي جاءت نوعا ما متأخرة في الجزائر وكنا قد دعونا إلى توقيفها قبل التاريخ المعلن نظرا لأهمية الاجراء وكذلك لأن الحالات الاولى التي دخلت الجزائر كان مصدرها من الخارج كإيطاليا وفرنسا. بالإضافة الى اللجوء الى أهم إجراء إحترازي وهو الحجر الصحي بكل انواعه.
الديوان :ما تقييمكم للحجر الصحي الجزئي المفروض على أغلب ولايات الوطن؟
برقان :كما هو معلوم للجميع فإن ظاهرة الحجر الصحي معمول بها من قبل الدول والمجتمعات منذ القديم ولعلنا نتذكر هنا حديث الرسول عليه الصلاة والسلام الذي نصح الصحابة فيها ومن خلالهم نحن بعدم دخول بلدة انتشر فيها الطاعون وعدم الخروج منها إن أصابنا الطاعون ونحن فيها ونصحنا بعدم قرب الصحيح من المريض وهي نفس الإجراءات المعمول بها اليوم رغم عدم ظهور أو انتشار الطاعون في زمانه بل استفاد من هاته النصائح الفاروق عمر في زمانه عندما حل بهم الطاعون وكانت هاته النصائح سبب نجاتهم، ولابد من الإشارة إلى أن مجلة نيوزويك الأمريكية نشرت مقالا بهذا الشأن وأثنت على هذه النصيحة من قبل الرسول عليه الصلاة والسلام.
من خلال ذلك يمكن التأكيد على ان الحجر الصحي يمكن أفضل الحلول الوقائية للحد من انتشار هذه الجائحة واحتكام السلطة الحاكمة إلى هذا الاجراء باختلاف أنواعه كالحجر الكلي لولاية البليدة والحجر الجزئي مع تمديده مؤخرا لتسع ولايات بالإضافة إلى الحجر الجزئي من الساعة 07 الى 07 صباحا يعتبر إجراءا حكيما وسليما للحيلولة دون زيادة وتيرة انتشار وباء كورونا المستجد بل أنا أدعو إلى إعتماد الحجر الكامل للولايات التي عرفت نسبا مرتفعة في عدد الاصابات في اقرب وقت لأننا في الوقت الراهن ومع تفاقم نسب الاصابة لا نملك خيارا ٱخر ، كما أن أسلوب الحجر الشامل الذي طبقته الصين عند بداية ظهور الوباء في اقليم خوبي وبخاصة في مقطعو ووهان هو الذي جنب الصين ويلات تفاقم عدد الاصابات واعداد الوفيات وكان تطبيقه بشكل قاس وصارم لكن النتائج كانت مذهلة وهي توقيف انتشار الوباء داخل الاقليم الى حتى الرقم 0 حالة لأيام متتالية فقط تسجيل بعض الاصابات القليلة والٱتية كلها من خارج الاقليم والمقاطعة . وحتى ان الصين تحولت من كونها منشأ بؤرة الوباء الى مثال يحتذى به للتخلص بشكل سريع من خطورة هذا الوباء كما هو معمول به في ايطاليا ، اسبانيا وفرنسا وبلدان اخرى .
ويمكن القول أيضا بأن الجزائر – وإن كانت الإصابات فيها قليلة بالمقارنة مع دول أخرى – الا أننا نرى أنها تأخرت نوعا ما في فرض الحجر الصحي وبخاصة الشامل منه في بؤرة تفشي المرض البليدة لأن أغلب إصابات الولايات الاخرى كان مصدرها ولاية البليدة للاسف.
لذلك نثمن قرار السلطات تمديد الحجر الصحي المنزلي لأغلب الولايات باعتباره ضرورة ملحة في ظل الظروف الدولية التي يعيشها العالم اليوم بل ندعو ان اقتضى الامر الى اللجوء الى الحجر الكلي ، حتى وان كان هذا الحل صعب من حيث التطبيق لانعكاساته الاقتصادية والاجتماعية على عموم افراد المجتمع لصعوبة تأمين العيش الكريم وحتى المؤونة اللازمة في ظل المعطيات التنموية اليوم للبلد, لمن واجراء بديل يمكن تعميم الحجر الصحي الممتد من 15 الى 07 صباحا كإجراء كفيل بمحاصرة هذا الوباء ان شاء الله.
الديوان : الوباء المستجد حرك كل الطاقات الوطنية ، منها الجامعة ، كيف ترى دورها في الظرف الحالي؟
برقان :الجامعة جزء مهم من الحل . كيف؟ فالمخابر الجامعية ومراكز البحث المختلفة بوسعها وضع بصمتها في عملية الحد من هذه الجائحة من خلال المساهمة في ابتكار وتصنيع المعدات الطبية مثل اجهزة التنفس الاصطناعي وكذلك لوزام الوقاية الطبية كالأقنعة ومواد التعقيم وغيرها من اللوازم الملحة كما حدث في بعض المخابر الجزائرية التي تمكنت من صنع جهاز للتنفس الاصطناعي في وقت قياسي وهو امر محمود بالإضافة الى امكانية مساهمة المخابر في التخفيف من العبء على معهد باستور من حيث اجراء التحاليل الخاصة بوباء كورونا covid 19 المستجد ، والحمد لله بدأت جهود النخبة في الجامعة تؤتي اكلها ( ثمارها) مثلا في جامعة تيزي وزو وجامعة الشلف.
كما أن الجامعة يمكنها الاضطلاع بمهام أخرى لا تقل أهمية وهي تنوير الرأي العام بخطورة إنتشار الوباء من خلال شرح وتفسير وتبسيط الأساليب الوقائية الناجعة لمحاربة هذه الجائحة و رفع بذلك نسبة الوعي الصحي لدى الجمهور الجزائري.
أيضا تكثيف البحوث العلمية واستشراف المستقبل حول الظاهرة الصحية المستجدة و تقييم أداء القطاع الصحي بالجزائر ، ولعل هذا هو أهم درس استوعبته كل الدول وهو ضرورة اعادة النظر في سلم الأولويات وبخاصة الاهتمام بهذا القطاع الحساس الذي يشكل اليوم واكثر من أي وقت مضى من ركائز الأمن القومي للبلد ، بالإضافة إلى الإهتمام بقطاع التعليم وبخاصة البحث العلمي ورفع ميزانيته كٱلية ملحة لصد هذا النوع من الاخطار المتكررة والتي تمس ركائز التنمية بل وحتى الأمن القومي لاي بلد.
أما عن كيفية مزاولة الجامعة لبرامجها ، فيمكن التنبيه على امر مهم وهو أن تعطيل العمل في الجامعة وعدم ذهاب الاساتذة والطلبة الى أماكن العمل ومقعد الدراسة لا يعني بالضرورة توقيف او تجميد العملية البيداغوجية والعلمية بالجامعة ، بل الجامعة توقعت اجراء تعطيل الدراسة بان دعت – من خلال مراسلات متتالية في شهر فبراير – الى ضرورة الاسراع في ضمان استمرارية العملية البيداغوجية من خلال تسهيل إرسال المحاضرات والأعمال التوجيهية والتطبيقية الى الطلبة عبر الانترنيت . ثم مع بداية اجراء غلق الجامعات حثت وعبر العديد من المراسلات ، المؤسسات الجامعية الى ضرورة ايجاد وتفعيل منصات وأرضيات الكترونية تشكل منبرا تفاعليا بين الاساتذة والطلبة ودعت من خلالها الاساتذة الى الاسراع في ارسال المحاضرات عبر العديد من المنصات على اختلاف مسمياتها على سبيل المثال ارضيةe.learning المعتمدة في جامعة وهران1 و2 وغيرها من المنصات الالكترونية المتاحة مع وجود تفاوت من منصة الى أخرى من حيث خاصية التفاعلية كالمنصة المعتمدة في جامعة العلوم والتكنولوجيا هواري بومدين باب الزوار التي اعتمدت على ارضية الكترونية جد متطورة لا يحس الطالب فيها فوارق بينها وبين الدراسة الواقعية.وبالتالي فالبرنامج السنوي للجامعة مستمر بشكل جيد رغم قلة او نقص مستوى تدفق الانترنيت في الجزائر في بعض المناطق النائية التي يقطنها بعض الطلبة وهو العائق الوحيد امام سيرورة العملية العلمية والبيداغوجية.
الديوان :كان لمواقع التواصل الاجتماعي دورا بارزا خلال الأزمة الحالية ، مارؤيتكم لهذه الفضاءات؟
برقان :لا يختلف إثنان على أن لمواقع التواصل الاجتماعي بمختلف انواعها وتمظهراتها أهمية كبيرة في ضمان استمرارية العملية التربوية والبحثية فهذه المواقع بوسعها الاضطلاع ايضا بهذه المهمة من خلال إرسال المحاضرات والأعمال العلمية الموجهة والتطبيقية بالاضافة الى ضمان ديمومة عملية الاشراف على الطلبة بمختلف مستوياتهم ( ليسانس ، ماستر ودكتوراه ) ، لكن رغم اهميتها تبقى غير كافية لضمان استمرارية العملية البيداغوجية على وجه التحديم التي تتطلب التفاعلية المستمرة والٱنية في النقاش واشكالية الحضور والغياب وعوامل اخرى تستدعي اللجوء الى ٱليات اخرى لتدعيم مواقع التواصل الاجتماعي كاعتماد المنصات او الارضيات الالكترونية كما سبق ذكره.
الديوان : ما رأيك بفكرة مواصلة الدراسة عبر الإنترنت سواء للطلبة الجامعيين او الاطوار الاخرى؟
برقان :تجدر الاشارة أولا إلى أن البلدان المتطورة والتي سبقتنا في هذا الميدان لم تعترضها اي صعوبة في تفعيل الدراسة عن بعد لتوافر المنصات الالكترونية المتطورة من جهة ولاعتماد هذه الٱلية في مناسبات عديدة وبشكل جيد منذ مدة طويلة من حهة اخرى .، وبالتالي لم يشكل لها هذا الوباء أي عائق أمام التحول الى ٱلية الدراسة عن بعد وبشكل فعال وسريع .
أما عندنا في الجزائر، فلم نتعود الدراسة عن بعد بشكل كامل اللهم الا بعض التجارب المتفرقة هنا وهناك ولسنوات معدودة مع وجود عوائق ، هذا من جهة بالاضافة الى اشكال ضعف سرعة تدفق الانترنيت في بعض المناطق والى انعدامها اصلا في مناطق أخرى الى جانب عدم تدريب الاساتذة والطلبة على هذا النوع من التلقين البيداغوجي والعلمي المتطور. والاشكال يخص الجامعة بدرجات متفاوتة طبعا الى جانب ايضا الاطوار التعليمية الاخرى وبخاصة المقبلون هذا العام على إجتياز الامتحانات المصيرية كشهادة التعليم الابتدائي ، المتوسط والثانوي ( البكالوريا ) لكن رغم ذلك الجزاىر لم تدخر جهدا لضمان استمرارية العملية التربوية والعلمية ومسايرة البلدان المتطورة حسب الامكانيات المتاحة. من خلال تفعيل منصات الكترونية تتيح مواصلة الدراسة عن بعد مثل الارضيات الالكترونية التي سبق وأن أشرنا إليها سابقا بالنسبة للجامعة ، وكذلك المواقع الالكترونية التي خصصت لباقي الاطوار التعليمية الاخرى وحتى تم اللجوء أو تدعيم هذا المسار ببث دروس تدعيمية على القنوات التلفزيونية الجزائرية واستحداث قناة سادسة معدة لهذا الغرض بالذات، رغم بعض الصعوبات التي تعترضها من حيث توقيت البث والتزام التلاميذ بالمشاهدة ستساهم في سد هذه الفجوة ان شاء الله.
الديوان :في حالة تفشي خطورة الوباء ، أين هي فعاليات المجتمع المدني ؟ هل يقتصر دورها على دور المتفرج؟
برقان :سؤال وجيه ، أعتقد أنه، إن زادت وتيرة تفشي هذه الجائحة وارتفاع بالتالي عدد الاصابات والوفيات ، نجد انفسنا أمام حتمية تكاثف الجهود وتلاحمها من اجل الدفع الى صد او التقليل من الاضرار والعواقب على الاقل وهنا يكمن دور المجتمع المدني ، الذي للاسف لم يفق مبكرا من سباته الا في الايام الاخيرة ونسب متفاوتة من ولاية الى أخرى ولو انه لا يرتقي الى المستوى المطلوب في هذا النوع من الازمات الخطيرة .
لذلك نحن ننتظر أن تضطلع فعاليات المجتمع المدني بأدوار ارفع مما نلاحظه في الواقع الاليم اليوم. فأوجه -عبر هذا المنبر الموقر – ندائي الى كل فعاليات المجتمع المدني للقيام بما يجب القيام به في مثل هذه المحن وان تكون في مستوى خطورة هذه الجائحة سواء تعلق الامر بتلك الجمعيات ذات الطابع الاجتماعي التي تساهم في جانب التضامن ، او تلك التي تخص الجانب البيئي والتي نحن في امس الحاجة الى مساعدتها في هاته الايام العصيبة، فالكل اليوم مدعو للمشاركة في حملات التوعية والتحسيس لصد هذا الوباء الفتاك.
الديوان :ماهي توقعاتكم لما هو أتِ في حال تمديد الحجر الصحي؟
برقان :في حال تمديد الحجر الصحي او حتى اللجوء الى الحجر الكلي والكامل في ولايات اخرى اتوقع تجاوب الشعب الجزائري مع هذا الاجراء الصعب في هذه الظروف الاقتصادية والاجتماعية العصيبة وبخاصة اننا نصنف من الدول التي لا تتحمل الحجر الشامل لفترة طويلة نوعا ما لقلة الامكانيات وعدم تعود المجتمع الجزائري على هذا النوع من الاجراءات الوقائية الصارمة . لكن رغم كل هاته الصعاب والعوائق اعتقد ان الشعب الجزائري يملك من الوعي ما يؤهله الى تقديم دروس التضحية مثلنا عودنا بذلك في مناسبات اليمة ونحن نعلم ان الشعب الجزائري مثلما اعطى للعالم دروسا في سلمية التظاهر طوال عام كامل فلن يعجز هذه المرة في تقديم التضحيات حفاظا على حياته وديمومة الدولة الجزائرية ، حتى وان كان الامر جلل بالنسبة للحظر الكلي او الجزئي لبعض الولايات الا انه الحل الوحيد للانتصار على هذه الجائحة التي ضربت العالم أجمع.
صحيح أننا بفعل الحجر الكامل او الجزئي سنقد جزء من حريتنا في التحرك و اقتناء مستلزمات الحياة الكريمة الا اننا نساهم في الحفظ على ارواحنا من جهة وتجنيب البلاد من الوصول الى مرحلة الانهيار الكلي في خالة تسجيل ارقام مروعة في عدد الوفيات والاصابات.
وأتمنى أن لا نصل إلى هاته المرحلة الخطيرة بفضل وعي الشعب الجزائري بخطورة المرحلة وحساسيتها. من خلال مضاعفة الجهود وبخاصة فعاليات المجتمع المدني من جمعيات ونخب وحتى رجال الامن من أجل غد افضل خال من أي وباء إن شاء الله.
الديوان :ماهي النصيحة التي توجهها لطلبتك وقرائك من خلال هذا المنبر الاعلامي؟
برقان :أشكركم جزيل الشكر على إتاحة هاته الفرصة من خلال هذا المنبر الإعلامي المتميز لتوجيه نصائح إلى طلبتي الأعزاء وقرائي الاوفياء .
أقول أولا لكل الذين كانوا ولا يزالون يرون بأن هاته الجائحة مجرد وهم وأن الأرقام مبالغ فيها بداعي التهويل، أقول لهم عليهم أن يفيقوا من سباتهم العميق وإعادة حساباتهم الخاطئة فأرقام الإصابات مهولة ( أكثر من مليون وثلاثمائة مصاب وأكثر من 70 الف حالة وفاة )
فالوباء بالتالي خطير جدا وأرقام انتشاره صحيحة والعالم كله اليوم ميدان أو أرض خصبة لانتشار وتفاقم هاته الجائحة وبدون تمييز .
فهذا الوباء – سبحان الله – لا يميز بين الغني والفقير ولا بين الحاكم والمحكوم ولا بين الملوك والرعية الكل سواسية أمامه فالأمر اذا جلل ، وخطورة هذا الوباء لا تكمن – كما سبق ذكره – في عدد الوفيات التي يخلفها وان كانت الحصيلة مروعة بل ان درجة الخطورة تكمن في سرعة العدوى وبالتالي ارتفاع جنوني في عدد الاصابات الذي يؤدي – على حد تأكيد الخبراء -, الى ارهاق او انهاك الانظمة الصحية لاي بلد مهما بلغت درجة تطوره والامثلة كثيرة كايطاليا ، اسبانيا ، فرنسا وحتى الولايات المتحدة رغم عظمتها بل حتى إنها تلجا اليوم إلى عملية القرصنة لتأمين حاجتها من المعدات الطيبة لرعاياها . وهذا كله دليل قاطع على خطورة هذا الوباء المستجد.
نصيحتي لطلبتي الأعزاء بأن يكونوا في مستوى الوعي من خلال التزامهم بالإجراءات الاحترازية وبخاصة الحجر الصحي ولزوم منازلهم ولعل كما يقال في الشر خير فالحجر الصحي قد يكون ملاذا وعاملا مساهما في تغيير الكثير من المفاهيم وتصحيح بعض الأخطاء بل هو فرصة سانحة للم الشمل العائلي وتزكية أنفسنا وعلاقتنا العبودية مع الله بالإضافة إلى تعلم الكثير من الأشياء (, كحفظ القرٱن الكريم ، تعلم لغات جديدة ، المطالعة المفيدة بالاضافة الى الحفظ على حياتنا وحياة الٱخرين وبخاصة اقربائنا )بالاضافة الى إستثمار هذا الوقت الثمين في اعداد واتمام البحوث العلمية وغيرها من الاعمال الجليلة .
لذلك حقيقة علينا أن نكونوا في مستوى خطورة الجائحة من خلال وعينا بتأثير ها على المجتمع ككل. وأتمنى في نهاية هذا الحوار أن يرفع الله عنا هذا الوباء لنعيش علما مختلفا مريحا بعد الوباء وانه بقدر ما أحدث فينا جروحا عميقة بقدر ما علمنا دروسا ومواعظ بليغة.