قصة “ديلور” كاملة مع الجزائر
بلماضي يفضح ديلور ويكشف سبب إبعاده من المنتخب
نجم الدين سيدي عثمان: “ديلور أرسل صديقه شهر أفريل 2019 إلى وادي رهيو للعثور على الوثائق المطلوبة لوالدته للحصول على جواز سفر جزائري..”
كشف الناخب الوطني جمال بلماضي، الخميس، السبب الحقيقي لإبعاد المهاجم أندي ديلور من المنتخب، في ندوة صحفية عقدها بمركز سيدي موسى، بالعاصمة.
وقال جمال بلماضي، بعد تمديده السوسبانس بالحديث عن قضية ديلور إلى آخر الندوة الصحفية، إن “سبب عدم إستدعاء ديلور هو موافقته بعد إلتحاقه بنادي نيس على عدم المشاركة مع الخُضر في كأس أمم أفريقيا المقبلة“.
وأضاف موضحًا التفاصيل: “قبل شهر من الآن تلقيت معلومة بأن أندي ديلور وبإلتحاقه بنادي نيس وقع على بند ينص على عدم اللعب مع المنتخب في كأس أمم أفريقيا بالكامرون“.
وواصل بلماضي “فضلت التريث بعد تلقي المعلومة”، مكملًا: “.. وقبل أيام من الآن، استقبلت رسالة نصية من ديلور الذي أكد لي أنه يريد النجاح مع ناديه الجديد، وأنه يريد تعليق مشاركته مع المنتخب لمدة سنة، وعدم المشاركة في كأس أمم أفريقيا المقبلة“.
وأوضح “الكوتش” بلماضي أن رسالة مهاجم نادي نيس “أكدت لي المعلومة التي كانت بحوزتي منذ شهر..وأنا لست مضطرًا لقبول اللاعب في المنتخب“.
وأردف أنه أجرى حوارًا ساخنًا جدًا مع مهاجم نادي نيس الفرنسي دولور، مؤكدا أنه “ألقيت عليه لومًا حادًا، قبل أن ألقيه أيضا على مسؤولي النادي ذاته“.
وأكد هنا أنه “تحدثت مع المدير الرياضي لنادي نيس، وأكد لي أنه لا يريد مشاركة لاعبيه الأفارقة مع منتخباتهم الوطنية، في منافسة كأس أمم أفريقيا 2021 بالكاميرون“.
وكشف أن رغبة المدير الرياضي ذاتها، لم تُجسّد كتابيا، وتبقى شفهيّة عكس ما تم تداوله مؤخرًا، بأن دولور وقّع على وثيقة بعد التحاقه بفريقه نيس.
وأبدى الناخب الوطني امتعاضه من الطريقة التي تواصل بها أندي ديلور معه، حيث قال: “أظن أن أمور مثل هذه لا تبلغ عن طريق رسالة نصية، وكان من الأجدر أن يقول ذلك للجمهور“.
وشدد مهندس النجمة الثانية للخُضر في كان القاهرة 2019، على أن “اللاعب ديلور نال فرصًا كثيرةً مع المنتخب عندما كان جاهزًا للعب”، ليضيف: “وُجّهت لي اتهامات كثيرة في قضية ديلور بأنني “حقار” (ظالم) ولم أستدعه للمنتخب (..) وكلها كانت دون معرفة للأسباب”.
ديلور يرد على بلماضي: “قراري جاء بعد تفكير عميق”
وفي هذا السياق رد اللاعب الدولي آندي ديلور على الناخب الوطني جمال بلماضي مؤكدا أن قراره بعدم الإلتحاق بالخضر وبقائه مع نادي نيس جاء بعد تفكير عميق…والسبب هو أني على مشارف سن الـ30.
أما عن قضية وجود بند في عقده مع نيس يمنعه من المشاركة في كأس إفريقيا فلا أساس له من الصحة وأكد ديلور مرة أخرى أنه لا يفكر في الإعتزال دوليا.
و قال أندي ديلور : لم أدخر يوما جهدا في الدفاع عن الألوان الوطنية , اتخذت هذا القرار بعد تفكير طويل.
و تابع : أرجو أن تتفهم الجماهير الجزائري قراري.
كما رد نادي نيس على تصريحات بلماضي عبر قناة RMC :، واكد ليس لدينا عقد او وثيقة تمنع فيها أندي ديلور ليلعب مع المنتخب الجزائري
مؤكدا أن تصريحات بلماضي غير مفهومة وليست لنا علاقة بالأمر.
وقال بلماضي عن ذلك خلال مؤتمر صحفي: “قبل شهر واحد، تلقيت معلومة من بعض اللاعبين تفيد بأنه وقع على وثيقة فور انضمامه إلى نيس، تنص على عدم ذهابه لأمم أفريقيا. لقد صدمني ذلك وقلت لنفسي للنتظر ونرى“.
من جانبها، فجرت إذاعة “مونت كارلو” الفرنسية مفاجأة من العيار الثقيل، بنشر تصريح رسمي من مصدر داخل النادي، ينفي خلاله وجود مثل هذه الوثيقة، حيث قال “ستكون هذه الوثيقة غير قانونية ولا قيمة لها“.
وأشارت الإذاعة في ذات الوقت، إلى رفض ديلور نفسه الانضمام للمنتخب الجزائري، رغبة منه في أخذ راحة طويلة لمدة عام من تمثيل الخضر، ليصب كامل تركيزه على فريقه نيس.
ويملك ديلور الجنسيتين الفرنسية والجزائرية، لكنه اختار تمثيل أبطال أفريقيا منذ نحو عامين، بعدما حمل قمصان “الديوك” في فئات الناشئين قبل عدة سنوات.
قصة اللاعب الذي دس يده في جيبه فأخرج الجزائر ؟
وفي هذا الخصوص كتب الصحفي و الناقد الرياضي نجم الدين سيدي عثمان يقول… في كتابي var احتفيت بكل لاعبي المنتخب الوطني باستثناء أندي دولور، لأنني أعرف قصته جيدا، كيف أصبح جزائريا فجأة، لا أحب المتلونين ولست شعبويا، اليوم بلماضي وضع النقاط على الحروف، هذا ما كتبته قبل عامين اي عام 2019.
هل يمكن أن تدس يدك في جيبك فتخرج بلدًا صغيرًا؟
نعم بلد كامل، لقد فعلها هو وأخرج عاشر أكبر بلد في العالم من جيبه، بلد بهذه الضخامة خرج من جيب لا يسع هاتفه “أيفون” الذي أعاده إلى جيبه وهو ينفض منشفته متجهًا إلى الفندق حين وصله اتصال هاتفي من جمال بلماضي بينما يتمتع بعطلته إلى جوار ابنه الصغير !
قبل عامين، سئل عن اللعب لبلد آخر غير فرنسا، وقد كانت حظوظه ضئيلة جدًا في أن يمثل منتخب “الديوك” الذي يعجٌ بالنّجوم فأجاب :”رومانيا؟” (دلالة على أصوله الغجرية) لا أنا أمزح، ليس صحيحًا، ما من شيء بالنسبة لي، للأسف، هناك من لهم حظ استخراج بلد صغير من جيوبهم، أنا لا!”.
على نحو غير متوقع تماما تغير كل شيء، طاوعه الحظ، فاكتشف أنه جزائري، من والدة كانت غائبة عن حياته منذ أن ولد حتى الشهور الأخيرة، إذ ظهرت دون أن يتوقع ذلك وجعلته يخرج الجزائر من جيبه ويحقق حلمه بأن يصبح لاعبًا دوليا.
”وجدتها وجدتها” لعله قال ذلك وصديقه الذي أرسله شهر أفريل 2019 إلى وادي رهيو يخبره أنه عثر على الوثائق المطلوبة التي تخص والدته، ما يعني أنه سيحصل على جواز سفر جزائري.
وإثرها في سيارته الفاخرة سجل مع صديقه مقطعًا بالفيديو ظهر فيه مستمتعا ومتفاعلا مع أغنية :” l’Algérie هي بلادي” لقد أصبحت الجزائر بلده الذي يفاخر به، هكذا بكل سهولة، لم يكن بحاجة سوى إلى بعض الوثائق ليكتشف جذورا أفريقية وجزائرية لم يكن يعتقد بوجودها أصلا!
أندي المجهول الغامض رحّب به الجزائريون، كما يفعلون مع الضيوف، بل واحتفوا به وبقوته وصلابته، وراحوا يمنون النّفس أنه سيسجل لهم الكثير من الأهداف، لقد توقعوا الكثير من “الدبابة الآدمية”.
ابن هؤلاء القوم المتجولون في العالم، صار محبوبًا أكثر من إسلام سليماني مع أن الأخير سجل الكثير من الأهداف الحاسمة في شباك منافسي منتخب الجزائر، وهدفين في كأس العالم وهو ثاني أفضل هدّافي المنتخب في التاريخ.
تصور ماذا لو أخبرنا سليماني مثلا أن أصوله من غجر الجزائر “بني عداس” أو “بني هجرس”، ثم نبحث في تاريخه ونجد أنه مسبوق قضائيًا وله سجل من الأخطاء كما أنه لا يؤمن بما نؤمن، مزركش بالأوشام، ولم يشعر بالانتماء إلا مؤخرًا، هل كنا سنعامله كما دولور؟!
من أب فرنسي من غجر كاتالونيا وأم جزائرية تعود جذور عائلتها إلى مدينة واد رهيو، الغريب في قصته أنه لعب لأندية فرنسية إلى جوار لاعبين جزائريين مثل زرابي ومهدي مصطفى ومجاني ولم يكن يعاملهم كمواطنيه بل كان ينظر إليهم وهو الفرنسي كأجانب، إلى أن أعاد ربط علاقته بوالدته مؤخرا.
لكنه عندما واجه مع ناديه “مونبيليي” فريق “رين” في الدوري الفرنسي، كان ينظر إلى رامي بن سبعيني بعين مختلفة تمامًا، حتى أنّه اقترب منه وطلب منه أن يخبر مسؤولي الاتحاد الجزائري، عن رغبته في تمثيل “الخضر” فاستدعته الأقدار بعد تصرف بلقبلة الذي لعب إلى جانبه للتذكير في نادي تور، ليكتب له أن يكون مٌعوِضه، وصل “أندي” في آخر لحظة قبل شد الرّحال إلى مصر ورفع مع لاعبي منتخب الجزائر كأس أفريقيا.
“دولور” صريح ومباشر ولا يخجل من مواجهة ماضيه المثقل بالأخطاء
لم يكن “دولور” ليشكل جزءًا من المنتخب الوطني المتوج لو نجحت محاولة والده في ذبحه، فقد أمسكه مرّة تحت الغضب وكاد يجز رقبته بسكين، كان والده الذي طلق والدته مبكرًا غارقًا في المشاكل، وفضلا عن ذلك مريض، فاضطر إلى مساعدته، في الحقيقة لم يكن عملا بدوام وأجرة، وإنما كان يرتدي القناع ليرعب الزوار في قطار الأشباح، ليكسب بعض اليوروهات.
عاد إلى طفولته في تصريحات لقناة “ليكيب” بكثير من الألم وهو يكشف سر وشم الدّمعة أسفل إحدى عينيه.
يقول زملاؤه عنه إنه شخص لطيف، قال والده عنه عام 2016 “إنه صعب لكنه ليس سيئا” ويقول عن نفسه “عصبي لكنني نادم على طيش الشباب” لكنه أيضا صريح ومباشر ولا يخجل من مواجهة ماضيه المثقل بالأخطاء، فيتحدث بأسف عن شجاراته الكثيرة وأخطائه ومشكلاته.
لا يخجل من القول إنه طرد من فريق “أجاكسيو” الفرنسي لأنه سرق لعبة من مركز تجاري لا يزيد سعرها عن 10 يوروهات، حتى بعد النجومية والأضواء اعتقلته الشرطة صيف 2018، بينما كان يستقل سيارة إلى جانب صديق له لا يملك رخصة قيادة.
رفض الأخير الامتثال لأمر بالتوقف أصدره رجال الأمن، كانا ثمِلين وقد ألقي القبض عليهما في مطاردة ليحكم عليه بالسجن شهرين مع وقف التنفيذ إضافة إلى غرامة بقيمة 18 ألف يورو، يقول عن نفسه بالمختصر المفيد “لست ملاكا” لكنه بالمقابل يعد أن يكون أكثر مسؤولية، فقد صار الآن أبًا.
في “دولور” تسري دماء غجر كاتالونيا، فرنسية وربما جزائرية (؟!)“دولور” أنتج ذلك فتى مختلفًا البّتّة “يشعر بالاحتياج” كما عبّر عن ذاك، لكنه يحاول التصالح مع نفسه ومع جذوره المتضاربة، ويحاول أن يتجاوز طفولته وماضيه المكلل بالأخطاء، التي قد لا يتحمل مسؤولية البعض منها.
يحاول أن يكون أفضل خصوصا أن المستقبل أمامه، والجزائريون فتحوا أحضانهم لهذا الغجري كما لو كان أخًا لهم جميعا، ضيعوه ذات يوم في زحمة الحياة.!
ق/ر