المغرب.. من وهم “الدولة الاجتماعية” إلى “مملكة الفقر والبؤس”

تجمع العديد من الهيئات والأحزاب في المغرب على أن ما يروج له النظام المخزني، بخصوص “الدولة الاجتماعية” هو مجرد “وهم” في ظل الأوضاع الكارثية التي يعيشها الشعب المغربي وتؤكدها بيانات المندوبية السامية للتخطيط، مشددين على أن الفقر في المملكة “ليس قدرا، بل سياسة ممنهجة”.
وفي السياق، أبرز القيادي في جماعة “العدل والإحسان”، حسن بناجح، في مقال له تحت عنوان “من الدولة الاجتماعية إلى دولة الإفقار”، الوضع الاجتماعي المتأزم في البلاد في ظل التصاعد الصاروخي للأسعار في كل مرة، ارتفاع كلفة العيش، التراجع الرهيب للقدرة الشرائية، توسع دائرة الفقر و استشراء الفساد في مفاصل الدولة.
ويرى المتحدث أن الأرقام المرعبة التي أعلنت عنها المندوبية السامية للتخطيط في مذكرتها الأخيرة بخصوص أن 4 ملايين مغربي يعيشون في وضع هشاشة ومهددون بالفقر “ليس مفاجئا”، لأن المغاربة ليسوا في حاجة لأرقام لمعرفة “الوضع الكارثي” الذي يعيشه السواد الأعظم منهم، مشددا على أن ما تعيشه البلاد “هو نتيجة لبنية اقتصادية وسياسية تخدم أقلية على حساب الأغلبية”.
كما شدد في السياق على أن “هذه الوضعية الكارثية ليست استثناء بل هي النتيجة الطبيعية لنظام مخزني قائم على الريع، حيث السلطة والثروة متداخلتان بشكل لا يترك مجالا لأي عدالة اقتصادية أو اجتماعية”، مستعرضا تسارع عملية “التفقير الممنهج” و “رفع منسوب المعاناة الشعبية”.
و ندد المتحدث ذاته بقرار السلطات المخزنية خوصصة القطاعات الحيوية من أجل استنزاف جيوب المواطنين، مثل الصحة والتعليم والنقل، دون أي رقابة، وقرار وقف دعم المواد الأساسية، مشيرا الى أن “السياسات المخزنية تحولت إلى أدوات لإثراء القلة وإفقار الأغلبية”.
و تابع يقول : “الحقيقة أن ما يحدث ليس فشلا في بناء الدولة الاجتماعية بل غيابا مريعا لها وتعويضها بدولة الإفقار التي تضمن لطبقة معينة تراكم الثروة، بينما تترك الأغلبية تكافح للبقاء”.
و خلص حسن بناجح في الأخير إلى أن “الفقر في المغرب ليس نتيجة عشوائية وليس مجرد تأثير جانبي للسياسات الاقتصادية بل هو أداة تحكم بإبقاء الناس في حالة انشغال دائم بلقمة العيش لمنعهم من المطالبة بحقوقهم الكبرى من حرية وكرامة وعدالة”.
من جهته، شدد الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، محمد الزويتن، في كلمة له خلال افتتاح أشغال المجلس الوطني للاتحاد، تحت شعار “دفاعا عن الحقوق والحريات والعدالة الاجتماعية”، على أن “الحكومة الحالية تتحمل مسؤولية تدهور الوضع الاجتماعي في البلاد”، مبرزا “استمرار اختلالات العمل الحكومي في العديد من المجالات”.
وقال الزويتن إن “المغرب يواجه تحديات كبيرة على مستوى البطالة التي تفاقمت بشكل ملحوظ، حيث بلغت النسبة 13.6%، خاصة بين الخريجين الذين يواجهون صعوبة في إيجاد فرص عمل، ما دفع العديد منهم إلى مغادرة البلاد بحثا عن فرص أفضل”.
وأضاف: “الحكومة لم تتخذ أي إجراءات حاسمة للتصدي لغلاء الأسعار و ارتفاع تكاليف المواد الغذائية، في وقت يتزامن فيه هذا مع اقتراب شهر رمضان، ما يزيد من معاناة الأسر المغربية”.
بدوره، حذر النقابي عبد الإله الحلوطي في تصريحات صحفية من “تداعيات الأزمات الاجتماعية المتزايدة”، مشيرا إلى أن الطبقة المتوسطة أصبحت مهددة بالتحول إلى طبقة فقيرة نتيجة السياسات الحكومية التي لم تضع حلولا فعالة لتحسين الوضع الاقتصادي.
أما الكاتب والإعلامي المغربي يوسف الحيرش، فقد أبرز في مقال له تحت عنوان “وهم الدولة الاجتماعية”، انهيار الطبقة المتوسطة في المغرب بعد “التراجع الرهيب” لدخل الأسر المتوسطة، خاصة خلال السنوات الأخيرة.
ونبه في السياق إلى أن “الهيئات الرسمية في المغرب، بما في ذلك المندوبية السامية للتخطيط، تخفي بعض الارقام، بسبب الضغط المتواصل الذي يمارس عليها، من اجل اخفاء الوضع الكارثي الذي تتخبط فيه العائلات المغربية التي تكتوي بنار الأسعار”.
ق/د