الكاتب والشّاعر عبد الحميد مشكوري… حقّقت أكبر طموح لي بمشروع ثقافي “دار ساجد ، و “ابن الجنية”
رواية تحتفي بالتاريخ وتُلامس الخرافة وتوثّق معاناة الجزائريين أثناء فترة الاستعمار الفرنسي (1830-1962).
حاوره / أ . لخضر . بن يوسف
عبد الحميد مشكوري من مواليد 09/04/1963 بدوار تاجموت بلدية مزيرعة ولاية بسكرة تتلمذ بالكتاب ودرس تعليمه الابتدائي بمدرسة الشهيد حسين قصباية بمزيرعة ، ثم انتقل إلى مدينة بسكرة لمواصلة الدراسة ، تحصل على شهادة البكالوريا ثم الليسانس في العلوم القانونية تخرج من المعهد التكنولوجي للأساتذة سنة 1985 واشتغلت بالتدريس أستاذا لمادة الأدب واللغة العربية ، انتخب رئيسا للمجلس الشعبي البلددي لبلدية مزيرعة ليعود بعدها للتدريس ، يكتب الشعر الحر والرواية وله عدة مؤلفات أدبية : أنين الأجراس [شعر] نزيف البوح [ شعر ] بقع من الأحلام [ شعر ] إلياذة الجزائر [ شعر ] المرجان في ترتيب سور القرآن [شعر ] صرخة تحت جحيم الكوفيد [شعر ] ابن الجنية [ رواية ] .
حدثنا عن بدايتك في التأليف والكتابة ، وماذا تعني الكتابة بالنسبة اليك ؟
الموهبة سبقت التأليف بكثير ، فبدايتي في التأليف متأخرة جدا رغم أن الموهبة كانت منذ نعومة أظافري وفي بدايات الحياة ، ربما لم تجد الموهبة من يصقلها آنذاك وربما لم تجد الفرصة المواتية للنبوغ ، وربما لم تجد الوقت والقوّة لتصارع باقي الاهتمامات التي أخذت حيّزا كبيرا من حياتي لكن ظهرت والحمد لله قبل فوات الأوان وذلك بفضل بناتي ندى وهديل اللتان شجعتاني على الكتابة ، ورغبة منّي في أن اترك لما من بعدي ما يذكرهما بي بعد رحيلي ، فأنا لست ذا مال ولا ذا جاه وإنما صاحب موهبة صقلتها الظّروف ، وكوني أدرس اللغة والأدب العربي مما زادني معرفة أسرار اللغة أجناسا وأساليبا وبلاغة فالحمد لله على ذلك
هل واجهتك صعوبات في صقل موهبتك ، وبرأيكِ ما هي أهم الأسباب التي قد تقيد المبدع بصورة عامة؟
ليست هناك صعوبات بقدر ما هناك ظروف لم تجعل هذه الموهبة تبرز بصورة واضحة كإبداع يوضع له إطار أدبي ينسخ ويحفظ أو ينشر فيه ربّما في رأيي أن الذي يقيّد المبدع أو يحرّر طاقته الإبداعية ويجعل موهبته تتفتّق هو البيئة والوسط الذي يعيش فيه الإنسان .
حدثينا قليلاً عن إنتاجك وإبداعاتك الأدبية، وما هي الموضوعات التي تطرقت إليها؟
إنتاجي الأدبي أراه قليلا رغم غزارته وغزيرا رغم قلته ، فهو قليل لأنني بدأت في وقت متأخر جدا ، بدأت في نشر أوّل كتاب لي ” أنين الأجراس ” سنة 2017 ، وغزير في رأيي أن في فترة وجيزة مدتها ثلاث سنوات أنتجت خمسة كتب في مجال الشعر الحديث ، أو ما يسمى الشعر النثري وروايتين ، وغزير لأنني تطرّقت فيه لمختلف المواضيع ، كتبت عن الوطن ، الأصالة ، التحرر ، المرأة ، المجتمع ، فن الفساد ، الحرقة ، لا يوجد موضوع إلا وكتبت فيه أمدح وأقول للمحسن أحسنت و أتغزّل إذا جاشت عواطفي وهجرني النوم .
ألا يتلقّى مشكوري صعوبات وهو يقود هذه المعارك الكتابيّة ، وفي أي جنس أدبي يجد نفسه أكثر؟
أما عن الصعوبات في الميدان وجود غزارة في التأليف هذا جميل من جهة ولكن من جهة أخرى لا يوجد نقد حقيقي يغربل الأجود من الرديء ، وربما ساعد في ذلك النشر الالكتروني وانت تعلم أن النقد في هذه الوسيلة يبنى على المجاملة لا على حساب الجودة ، زد على ذلك الاحتكار الواقع للوسائل التي يمكن أن يبرز فيها المبدع طاقته وإنتاجه ، فكل الاتحادات محتكرة وكل الإذاعات محتكرة ، فنفس الأشخاص يستفيدون من هذه الوسائل ، أي أنه لا يوجد فيه تكافؤ الفرص إلا قليلا ، أما الجنس الأدبي الذي استمتع به هو الشّعر ومع ذلك عزمت على اقتحام مجال الرواية فوجدته شيقا وممتعا .
لو تكلّمنا عن جديدك على صعيد الكتابة الروائية ” ابن الجنية “ موضوعاته ، مميزاته وسماته الفنية والبنى الأسلوبية والأدبية والجمالية للمتن ؟
نعم دخولي لعالم الرواية لم يكن من باب الصدفة لكن جاء بعد قراءة الكثير من الروايات على مسيرة طويلة في الحياة وبعد الدراسة المعمقة الأكاديمية لجنس الرواية والتحكم في أساليبها ، فهي من الألوان الأدبية الصعبة جدا هذا من جهة ، ومن جهة أخرى المقروئية الآن متجهة نحو الرواية ، لهذا كتبت أول رواية لي بعنوان ابن الجنية .
هي قصّة تلامس الواقع لكن فيها الكثير من الخرافة والخيال ، الخرافة والخيال الذي كان يؤمن بوجوده آنذاك وهناك من يؤمن به إلى الآن ، اعتمدت في هذه الرواية على إبراز القيم الأخلاقية والاجتماعية وحتى العقائدية التي يعيشها المجتمع في ذلك الوقت ، وكذلك الموروث الثقافي الغني الذي كان يملأ الفراغ الذي يعيشه الإنسان بدون راديو ولا تلفزيون ولا هاتف ولا أنترنت ، يعني في غياب وسائل التواصل الاجتماعي كيف كان الناس يتواصلون ، كيف يقضون أوقاتهم … إلخ ، أمّا من ناحية اللغة والأسلوب تمتاز بالوضوح والبساطة لكن أيضا تمتاز بأنها لغة سليمة وصحيحة ومتداولة ، أما الأسوب هو – سردي وصفي – الذي يناسب تسلسل الأحداث ووصف الوقائع وكأنك تعيشها بنفسك وتنفعل معها كأنك جزء من القصة .
من أين ينسج عبد الحميد .. شخصيات الرواية ، من الخيال أو الواقع ؟
أما الشخصيات فمنها ما هو من الواقع كشخصيات من عرش بني عبدان وشخصية التاجر المتجول طيبوش ، أو كشخصية المشعوذ والعراف ، وكشخصية القايد والوقاف فهي شخصيات مجودة في الوسط الاجتماعي في ذالك الوقت ومنها ماهو خيالي وخرافي ، الجن والرجال الصالحون الذين كان يعتقد أنهم يقومون بحماية النّاس فهم كلهم في العالم الخفي ، لكن أنا حاولت أن أظهر هذه المعتقدات الخرافية إلى جانب الشخصيات الحقيقية .
كل الشخصيات نسجت من الموروث الثقافي ، طبعا أنا لم أكن في هذه الفترة التي تحدثت عنها الرواية وهي ما بين 1998 إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية 1947 ، لكن ما كنت أسمعه من قصص تداول ذكرها في الوسط الاجتماعي وبكثرة ، وخاصة قصص الغول والبازغوغ فوظفتها في الرواية لتترك أثرا اجتماعيا عميقا في نفوس القراء .
ماهي طموحاتك ومشاريعك المستقبلية ؟
الطموحات .. لقد حقّقت أكبر طموح لي وأجمل مشروع كنت تمنيته في حياتي وهو استكمال مشواري الأدبي أو بالأحرى مسايرة أعمالي الأدبية بمشروع ثقافي أحسن فيه تكويني الثقافي والأدبي وهو إنجار دار ساجد للنشر والتوزيع مع شريكتي الفاضلة التي أتوجه لها من هذا المنبر بالاحترام والتقدير السيد صيام يمينة حرم السيد برحايل ، أمّا في المجال الإنتاجي فأنا بصدد وضع اللّمسات الأخيرة لروايتي الثانية بعنوان ” ثمانية رهط من الجن “ وبفضل من الله أنني أنجزت ديوانا شعريا جديدا وهو الآن في المطبعة من نشر دار ساجد للنشر والتوزيع تم تأليفه في هذه الظروف التي يمر بها العالم ، والمعاناة التي نشرها في أوساطنا هذا الوباء كوفيد 19 ، كل قصائده تناولت هذا الوباء وهو تحت عنوان ” صرخة تحت جحيم الوباء”
كلمة للقرّء والجريدة ..
كلمتي للقرّاء وللجمهور الكريم وخاصّة طلبة الجامعة ، أن في هذا الوطن الكثير من المواهب والكثير من المبدعين في مجال الكتابة بصفة عامة وأن إنتاجهم الأدبي جميل ويستحق منكم القراءة والنقد و التحليل والدراسة
أما للجريدة فأنا ممتن لها على هذا المجهود الذي تقوم به من أجل تحفيز المواهب وتشجيعها وعلى الدعم الذي تقوم به فألف شكر لها
أما كلمتي لك سيدي شكرا لك مع فائق التّقدير والاحترام على العمل الذي تقوم به من أجل نشر الثقافة والارتقاء بالمثقفين والمبدعين ، فأجمل ما تقوم به أنك تزرع الأمل في عيوننا والبسمة على شفاهنا .